صوموا تصحوا (1)

لم يفرض الله -تعالى- عبادة من العبادات علينا إلا لمنافع عظيمة تعود علينا سواء علمنا بهذه المنافع أو لم نعلمها. ومن هذه العبادات العظيمة والتي تعود على مؤديها بالخير العميم عبادة صوم شهر رمضان الكريم، فرغم المشقة التي قد يجدها الصائم من جوع وعطش أثناء نهار رمضان إلا أنه لو صام حسب السنة النبوية المطهرة واتبع تعاليم سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- لحصل على فوائد روحية ونفسية جل أن يحصيها. لقد أثبتت الدراسات التي أجريت على الصوم أنه يقوي الجهاز المناعي للإنسان؛ كيف ذلك؟ يقول د. بارتلو: "إن الصوم يستطيع أن يخلص الأعضاء من الحميات الراشحة بتخريب جزئياتها، وإن الصوم يجدد كل الأجزاء الحيوية في الجسم" وقد وجد هذا الطبيب في تجاربه مع الصوم أن نشاط الأعضاء المختلفة يزداد أثناء الصيام، وتحذف الأجزاء المرضية والمصابة بالخلل ويتخلص منها الجسم، ثم يعيد بناء غيرها بعد الصوم. إن الصوم يشبه عملية غسيل وتطهير للجسد كله ويعبر عن ذلك المعنى د. فروموزان بقوله: "إن الصوم هو عملية غسيل للأحشاء فنحن نلاحظ في بداية الصوم أن لساننا قد أصبح معتما، ويتفصد العرق من جسدنا، وكثيرا ما يفرز مادته المخاطية، وكل ذلك دليل أن الجسم قد بدأ بعملية غسيل كاملة وتنخفض نسبة الحمض البولي ثم نشعر بعد عدة أيام بخفه ونشاط وراحة عجيبة". لقد اكتشف العالم روجروجزس أن المقاومة للأمراض تزداد بفعل الصوم، وذلك من خلال تجاربه التي أجراها على الأرانب؛ أحضر روجروجزس مجموعة من الأرانب وصومها لمدة أسبوع وبعد انتهاء فترة الصيام بيومين لقحها بنوع من الجراثيم "العصبات الكولونية" ثم أخذ مجموعة من الأرانب التي لم تصم ولقحها بنفس الجرثوم سابق الذكر . وماذا كانت النتيجة ؟ ماتت أرانب المجموعة الثانية متأثرة بهذا الجرثوم، بينما أصيبت أرانب المجموعة الأولى بالمرض، ولكنها تغلبت عليه وشفيت منه . وقد أثبتت تجارب العلماء أن الصوم يفيد كثيرا في علاج أمراض كثيرة، بل إنه يعتبر أحيانا العلاج الوحيد لبعض الأمراض، فهو يعتبر علاجا ناجحا لاضطرابات الأمعاء المزمنة، وزيادة الوزن الناتجة عن كثرة تناول الطعام وارتفاع ضغط الدم، ومرض البول السكري والتهاب المفاصل، وكثير من الأمراض الجلدية وبعض أمراض الكبد والكلى والقلب وذلك مع بعض ملاحظات في الغذاء . إذن فالصوم عبارة عن طبيب من الطبيعة يزيل أمراضنا بلا مشرط وبلا حبة دواء مصداقاً لقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- "صوموا تصحوا".