20 سبتمبر 2025

تسجيل

الرحمة المهداة

08 يونيو 2016

لقد كانت بعثة النبي العظيم صلى الله عليه وسلم أكبر حدث في تاريخ البشرية وإيذانا بفجر جديد أشرقت شمسه على البشرية فكشفت عنها غيوم الجهل وظلمات الأوهام وأطلقت القلوب والعقول من قيود الخرافات والأوهام ومن التقاليد البالية والعادات المستهجنة ،فإن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم هي ميزة شخصيته الكبرى حتى إنه ليحدد مهمة رسالته بقوله صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)رواه أحمد، فالإسلام دين الشمول والكمال لذلك ارتضاه الله لعباده ليكون لهم شرعة ومنهاجا فعلمنا الله سبحانه وتعالى أن الدين عند الله الإسلام فمن فضائل هذا الدين إنه يدعونا إلى الفرائض التي تقربنا من الله تعالى ومنها الصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها من الطاعات وإننا في هذا الشهر الكريم شهر رمضان نرتقي إلى أعلى الدرجات بأدبنا مع الله تعالى في تنفيذ فرائضه والتحلي بالأدب في جميع مجالات الحياة فلقد حدد رسول الإسلام الغاية الأولى من بعثته والمنهاج المبين في دعوته بأنه إنما بعث ليتمم أحسن الأخلاق.فلقد حبا الله تبارك وتعالى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم من الخصائص القوية والصفات العلية والأخلاق الرضية ما كان داعيا لكل مسلم أن يجله ويعظمه بقلبه ولسانه وجوارحه، فإن حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم أجل وأكرم وأعظم وألزم لنا وأوجب علينا من حقوق السادة على مماليكهم ،والآباء على أولادهم لأن الله تعالى أنقذنا به من النار في الآخرة ،وعصم به لنا أرواحنا وأبداننا وأعراضنا وأموالنا وأهلينا وأولادنا في العاجلة ،فهدانا به لأمر إذ أطعناه فيه أدنانا إلى جنات النعيم ،فأية نعمة توازي هذه النعم وأية منة تداني هذه المنن، فالرحمة عند النبي تعمل عملها في إيجابية سليمة ويتتبع القلب الكبير قلب محمد صلى الله عليه وسلم كل الأسباب التي تجعلالرحمة حقيقة واقعة وسابغة ينعم بها كل إنسان ،وفي ضوء هذا الموقف ينبغي علينا أن نفهم جميع التوجيهات والوصايا التي يدعونا فيها الرسول إلى الطاعة وإلى الخير، فهو لا يريد بوصاياه وتوجيهاته أن يتحكم فينا أو أن يسوقنا إليه، وإنما تمام رحمته بالناس أن يدفع عنهم الأخطاء ويجنبهم هبات الريح الباردة واللافحة ،فإن دعا إلى الخير وحض عليه فبدافع من رحمته وإذا نهى عن شر وحذر منه فبباعث من رحمته، فالرحمة بالإنسانية هي التي تشحذ حرص النبي صلى الله عليه وسلم على خيرنا وعلى مصيرنا وهي التي تجعله يأمر بالحسنة وينهى عن السيئة ،ومن أجل هذا كان يخاف على الناس من ذنوبهم وكان يرى تلك الذنوب كأنها أخطاء داهمة تتهدد حياتهم وسلامتهم والنبي صلى الله عليه وسلم على الرغم من أنه رسول مسؤول عن رسالته لا يقف من العصاة موقف المتألي بل موقف الرؤوف الرحيم العزيز عليه عنتهم وعصيانهم الحريص كل الحرص على نجاتهم وسلامتهم، فرسالة الإسلام هي الرسالة التي خطت مجراها في تاريخ الحياة وبذل صاحبها جهدا كبيرا في مد شعاعها وجمع الناس حولها وتأسيسهم على الحق والفضائل والآداب فعملت على تدعيم فضائلهم وإنارة آفاق الكمال أمام أعينهم حتى يسعوا إليها على بصيرة، فمما لا ريب فيه إن علينا تجاه النبي الكريم صلوات ربي وتسليمه عليه حقوقا كثيرة يجب القيام بها وتحقيقها فلابد من تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر،وألا يُعبد الله إلا بما شرع وأن ننصره ونؤيده ونمنعه من كل ما يؤذيه ويسيء إليه ،وإن من أهم ما يجب علينا تجاه حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أن نحقق محبته اعتقادا وقولا وعملا ونقدمها على محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين.