14 سبتمبر 2025

تسجيل

من أول اللون لآخر الكون

08 يونيو 2014

لم يكن أحدنا يعرف عن الآخر سوى ما تعرفه الرياح عن مراكز الأرصاد الجوية.. هكذا تختار الطيور المهاجرة وجهتها صوب الدفء والحرية. حين أبحرنا لم يكن لدينا بوصلة لكننا وصلنا بأمان قبطان يسمونه الصداقة. وككل المُشاغبين في الجامعة لم نساوم يوماً على لحظة صدق ولم نهرب إلاّ من عصور القهر والإذعان. كبرت الأيام قبلنا.. تذكر؟! تذكر كم اشتريت لقاءك من أعصابي ودفعتُ للأيام غرامتها، وربحتُ وجهك بعد أن تعلّقتُ به كفقير مولعٌ بشراء أوراق اليانصيب؟ يا تاجر الثلج الذي يندف على شبابيكي وقلبي لا تُغرق الأسواق بالأبيض والمطر فأنا فقيرة لا مظلة عندي ولا قبعة.. شرفتي مصنوعة من خشب الجوز الدمشقي العتيق وقلبي من طيور (دُمر والهامة) وأنت تَرِفُ الجمال بخالٍ من بُنّ جدي وبُحّة محماسته.. كلانا رهفنا بعلامة الرسائل التي لم نكتبها ولكن العُشاق قرؤوها على المقاعد وحيطان المدارس وتحت الوسائد وتناقلوها اليوم بكل الوسائل المُتاحة. مراراً وتكراراً أفهمتني جدتي كم هو مُعيبٌ أن تُصرّح الفتاة بمكنوناتها وأنا أتأمل حينذاك إناث الطير وغبار الطلع ولبلاب النوافذ وأمتدّ إلى كتفيك عريشة من نبيذ الكلام. آه منك يا دمشقتي لماذا تبوحين بكل أسرارك لعشاقك؟ أليس لديك جدة طيبة موشومة الكف معشوقة السيف وصديقة الحنّاء والبخور والصمت الطويل؟! كيف تتجاوزين الحدود المرسومة للأنثى؟ خذيني ورشّيني قمحاً لزواجل الحمام تحمل رسائلك الى المحبة فتستيقظ. أيقظيني من ليل الخراب الطويل لأتبين الأبيض من الأسود وأتوضأ ببهائك وأصلي ركعتين، واحدة من أجلك وواحدة من أجل أطفالك.