14 سبتمبر 2025

تسجيل

رئيس ولو على الحجارة!

08 يونيو 2013

قال أحدهم من السياسيين إن "الحقيقة أول ضحايا الحروب" ولكن في واقعنا المعاصر فإن قائمة الضحايا تطول لتشمل شعوبا بأكملها يموت نساؤها وشيوخها وأطفالها بدماء باردة تحت حزمة من المبررات غير الأخلاقية، وحين يضع أحد أطراف أي حرب أو صراع المدنيين العزّل تحت مرمى نيرانه فإنه يصبح مجرم حرب يرتكب مجازر ضد الإنسانية وينبغي حسابه وعقابه بأقصى العقوبات التي تستقيم مع عظم الجرم الذي يرتكبه. الحرب التي تشتعل في سوريا حاليا أسقطت عشرات الألوف من الضحايا الذين يقتربون من عتبة المائة ألف، وربما أكثر، بصورة لا أخلاقية يتحمّل وزرهم وإثمهم الرئيس بشار الأسد، فهو الذي تقع عليه المسؤولية الأخلاقية في موتهم بالدرجة الأولى باعتباره المسؤول عن أمن وسلامة شعبه، وحين يعجز عن ذلك، وهو قد عجز بالفعل حينما لم يصل في مستهل الصراع إلى تسوية مع المعارضين وسمح لجيشه أن يقاتلهم بدلا من مقاتلة العدو الحقيقي، حين عجز عن ذلك كان حريا به أن يتنحى ويستجيب لمطلب الشعب. كان بإمكان الرئيس أن يسلك كثيرا من المسارات السلمية التي تحافظ على دماء الأبرياء لا أن يدخل الشعب والدولة كلها في صراع مع بعضها، تلك أولى الجرائم في الحساب الأخلاقي وترتب عليها امتداد الصراع إلى كل الوطن وشمول جميع المكونات العرقية والطائفية والمذهبية والدينية، وقد جعل التمسك بالسلطة جريمة نكراء لأنها تؤسس لفشل سياسي وأمني وعسكري، والأسوأ فشله في تحييد المدنيين من العمليات العسكرية التي هدّمت الدولة على رؤوس الأشهاد وتبع ذلك مزيدا من الجثث والموت الذي يفوح في كل شبر سوري. لم يكن لبشار خطة منذ البداية لحسم الصراع وتجنيب شعبه ويلات الموت والجرح والتشرّد والنزوح، ويبدو أنّه يفضّل نزوح جميع السوري على انزياحه عن السلطة، وذلك لسان حال ينطق بعبارة "أنا ومن بعدي الطوفان" وفي الواقع استغرب تذكير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الحكومة السورية بمسؤوليتها عن حماية المدنيين الذين تحت سلطتها، وهي الجلاد الذي لا يبالي بهم من أجل أن يبقى بشار رئيسا ولو على الحجارة. ذلك لا ينفي تحميل المسؤولية جزئيا للطرف الثاني في الصراع، إذ لم يبذل جهدا كافيا لإدارة العمليات العسكرية بعيدا عن المدنيين، والسماح لمن يرغب بالخروج من المدن وبؤر الحرب والنيران إلى المغادرة والنجاة، ولكن الفعل الأساسي من السلطة التي ينبغي أن ترحل لتقليل الخسائر البشرية رحمة بالشعب السوري.