14 سبتمبر 2025
تسجيلدائماً ما أقول لكل زملائي وتلامذتي من الأجيال المتعاقبة التي كان لى شرف التعامل معها في مؤسستي التعليمية إن سر التفوق في كل شيء هو الإخلاص والعمل بإتقان، أيا كان عملك بسيطاً، فإنك بإخلاصك واجتهادك فيه ستحوله الى عمل عظيم، وكما يقول علماؤنا إن الإخلاص ليس طريقاً إلى ثواب الآخرة فحسب، بل هو طريق إلى تقدم الإنسانية، وهو سرُّ كل تطور تشهده البشرية جمعاء، فالإخلاص طريق للتوفيق في كل جانب من جوانب الحياة ولا ينحصر في جانب دون آخر، ولذا فإن الاتقان في الأعمال والإخلاص في المسؤوليات بعيدا عن التسيب والفساد والتراخي سيكون قاطعا بنجاح المشاريع وجدية النتائج وعموم الفائدة. وإذا كان على العامل أو الموظف أو من أوكل اليه اى عمل ما أن يتحلى بالإخلاص، فإن على رب العمل أو المسؤول عنه أو من يديره أن يوفر بيئة ومناخا جاذبا وعادلا ومحببا حتى يستطيع الموظف أن يعمل دون تحمل لضغوط نفسية وعصبية تسبب له مشاكل وتجعله يكره عمله ويكون إنتاجه ضعيفاً خالياً من كل إبداع، لذا لم أندهش من الخبر الذي بثته وكالات الأنباء، عندما ذكرت إنه في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ القضاء الفرنسي، رفع رجل فرنسي دعوى قضائية ضد شركته لأن عمله كان "مملا للغاية"، مطالباً بتعويض مالي كبير.وأوضح فريدريك ديسنار (44 عاما) انه اضطر لترك وظيفته الإدارية في شركة للعطور لأنه كان يشعر بالضجر الشديد في أثناء أداء مهام عمله الإداري الذي أسند له لاحقا بعد ما تم تجريده من وظيفته الأساسية.ويطالب ديسنار بتعويض قدره 360 ألف يورو عن الأضرار التي لحقت به، والأجور التي لم يحصل عليها، ومن بينها العطلات المدفوعة وحرمانه من الترقيات المحتملة.وذكرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية أن ديسنار، وهو من باريس، اتهم صاحب العمل باسناد "مهام وضيعة" في عمله لمدة أربع سنوات كاملة، والتي وصفها بأنها "انزلاق نحو الجحيم"، ملقيا باللوم على أرباب العمل في تركه لوظيفته.وقال ديسنار" إن رؤساءه أسندوا له عملاً أقل من وظيفته الأساسية كمدير، حيث تم تجريده من مسؤولياته الحقيقية، مما تركه "مدمرا" وكان يبكي بشكل متواصل، وقال للصحيفة: "كنت محبطاً وأشعر بالخجل لحصولي على راتب مقابل عمل لا شيء".وأشارت الصحيفة إلى أن عدم وجود عمل محفز أثّر على نفسية "ديسنار" مما جعله يترك عمله في اواخر عام 2014 إثر معاناته من القلق والاكتئاب حتى الإصابة بنوبة صرع في أثناء القيادة.ودافع محامي شركة العطور الباريسية بأن "ديسنار" لم يصرح أبدا بشعوره بالملل خلال فترة وجوده بالشركة، وستنظر القضية في محكمة العمل بباريس الأسبوع المقبل.وأشارت وسائل الإعلام الفرنسية إلى أن هذه أول قضية من نوعها تنظر أمام المحاكم الفرنسية بدعوى أن العمل "ممل جدًا"ومن هذه القضية التي تعد الأولى في تاريخ فرنسا نكتشف أن التعنت الذي مورس من قبل صاحب العمل والذي ضغط على أعصاب موظف كان مديراً في وقت ما، فجعله ينزلق الى الاكتئاب وبالتي أدى الى عدم الإنتاج وعدم الإبداع وكان مصيره الاستقالة وفقدان الوظيفة.وأخيراً أرى أن الإخلاص في العمل هو سير الإنسان بنجاح نحو الهدف وصنع التغيير والتقدم، وإن ذلك لن يحدث إلا بترك أطماعه الخاصة، لذلك فإنني أؤمن بروح العمل الجماعي.وأما نصيحتي لبعض أصحاب الأعمال والقائمين عليها، ألا تجعلوا همكم الاستئثار بالمكتسبات واقصاء الآخرين وسيطرة نزعة التسلط على عباد الله، والاستبداد بالرأي حتى لو على حساب تدمير نفسية الموظف فيصبح بعدها ذهاب الموظف الى العمل كمن يذهب الى ساحة التعذيب وسلامتكم.