12 سبتمبر 2025

تسجيل

صادق خان يهزم العنصرية

08 مايو 2016

يحق لمدينة لندن ولبريطانيا كلها أن تحتفل مطولا بهزيمة العنصرية، فهذه الدولة الاستعمارية تحاول أن تكفر عن خطاياها، وتحث الخطى نحو مجتمع جديد عابر للأديان والأقوام والألوان، رغم وجود حركة عنصرية لا يستهان بها.البريطاني صادق خان، وهو من أصل باكستاني يبلغ 45 عاما من العمر، هزم عتاولة حزب المحافظين وفاز بمنصب عمدة لندن الذي يعد واحدا من أهم المناصب السياسية- الاقتصادية- الخدمية في بريطانيا، وهو أول رئيس مسلم لبلدية من أهم العواصم الأوروبية على الإطلاق، وهي المدينة التي كانت تحكم الدنيا ذات يوم.لم يكن صادق خان لوردا أو واحدا من أبناء النخبة اللندنية الذين ولدوا وفي أفواههم ملاعق ذهبية، فقد ترعرع في حي لندني فقير، ودرس في المدارس الحكومية المجانية، وهو يفتخر بذلك.ولد صادق خان في أكتوبر 1970 من عائلة باكستانية هاجرت حديثا إلى بريطانيا، ونشأ مع أشقائه وشقيقاته الستة في حي توتينج الشعبي في جنوب لندن. وكان والده سائق حافلة ووالدته خياطة. ودرس المحاماة وتخصص في قضايا حقوق الإنسان، وفي سن 15 عاما انضم إلى حزب العمال وانتخب عضوا في مجلس بلدية واندسوورث في جنوب لندن عام 1994. وفي 2005 تخلى عن مهنة المحاماة وانتخب نائبا عن توتينج حيث لا يزال يقيم حتى الآن في منزل أكبر بعض الشيء من ذلك الذي نشأ فيه مع زوجته سعدية المحامية وابنتيهما. هذا الرجل الأربعيني انتخب عضوا في البلدية عندما كان في الرابعة والعشرين من العمر، وبعد 20 عاما أخرى أصبح رئيسا لأهم بلدية في بريطانيا كلها.لقد أصاب صادق خان حين خاطب مواطنيه بعد الفوز قائلا: "يسرني أن لندن قد اختارت اليوم الأمل بدلا من الخوف، والوحدة بدلا من الانقسام" في بلد لا تزال السياسة فيه حكرا على بعض النخبة من خريجي معهد إيتون وجامعتي كامبريدج وأوكسفورد.قارنوا حال صادق خان لو أن أهله هاجروا إلى دولة عربية بدلا من بريطانيا، كان سيبقى رهنا للكفيل، وتصريح السفر والمنع من الدراسة في المدارس الحكومية، وسيحصل على الإقامة بشق الأنفس، وبالطبع سيبقى باكستانيا إلى الأبد، ولن يصبح مواطنا، وسيكون من الصعب أن يصبح مديرا أو حتى رئيس قسم، وبعد أن "يزعل" منه الكفيل فسوف يمهله أسبوعا لمغادرة البلاد وإلا فإنه سيسلم جواز سفره لـ"الأبعاد".الشُّقة بيننا وبين بريطانيا بعيدة جدا، فهم يحاولون محو العنصرية والاكتفاء بالمواطنة وحقوق الإنسان، بينما نحن نتشدق ليل نهار بحقوق الإنسان دون أن نتخلى عن عنصريتنا البغيضة.. تصوروا مثلا لو أن الكيني باراك أوباما، الذي انتخب رئيسا لأمريكا، هاجر إلى دولة عربية.. هل كان يمكن أن يصبح رئيسا أو رئيسا للوزراء أو حتى وزيرا؟ بالطبع هذا من الأحلام الخرافية.