29 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كان انطلاق "الإذاعة المصرية" الرسمية في مايو 1934 من باب التضييق على حرية التعبير وليس زيادة مساحتها، فالإذاعة ـ التي بدأت أجنبية تشرف عليها شركة "ماركوني" ولم تمصر إلا بعد 13 عاما من إطلاقها ـ جاءت لتكون الصوت الوحيد المسموح به، في ظل مصادرة لحق البث، هي الأولى من نوعها، تمثلت في حظر "الإذاعات الأهلية" التي كانت ـ برغم كل ما شاب أكثرها من ابتذال ـ بابا واسعا للحرية.كانت الإذاعات الأهلية صوتا للشعب كله بما له وما عليه، فأغلقها النظام وجاء بـ"الإذاعة الرسمية" صوتا للنخبة.والواقع أن الحقبة المصرية المحصورة بين صدور دستور 1923 ويوليو 1952، والتي اصطلح الكثيرون على تسميتها "الحقبة الليبرالية" وروج للمصطلح كأنه حقيقة، كانت حقبة "نخبوية" في حدود تحقيق نظام الاحتلال الحاكم، الذي حرص على بقاء الفرقاء ليتمكن من استخدام بعضهم ضد البعض الآخر حسبما تقتضي مصلحته، وقد تمتع فرقاء هذه النخبة ـ حسب الأحوال ـ بهامش واسع من حرية التعبير من خلال النشر في الصحف والكتب، وبقي النظام آمنا واثقا من أن عواصف هذه الحرية لن تكون ـ مهما اشتدت ـ أكثر من زوبعة في فنجان، فأكثر من 95% من المجتمع أمي لا يقرأ من الأساس، وعليه يمكن للنخبة أن تهنأ بحرية يؤلب المحتل بعضها ليستخدمه ضد البعض الآخر، في دائرة قطرها 5% من المجتمع! حتى جاءت تقنية "البث الإذاعي" التي انتشرت عبر "الإذاعات الأهلية" لتكشف الغطاء عن أكذوبة حرية التعبير، فبعد عقد واحد من حرية الأفراد في البث الإذاعي (وهي حرية ظلت محدودة بالقدرات الضعيفة لمحطات البث، والخبرات القليلة، وضعف التمويل، والابتذال الذي ساد أكثر الإذاعات الأهلية) بعد عقد واحد كان غثه كثيرا وسمينه نادرا، صادر الاحتلال هذه الحرية معلنا احتكار الإذاعة الرسمية لحق البث الإذاعي، وهي إذاعة أنشئت بمعرفة الاحتلال وتحت سيطرته مباشرة.كان هذا في العام 1934م، يعني في قلب ما يسميه البعض، من باب الإصرار على الخطأ، بـ"الحقبة الليبرالية" ولو كان فيها ليبرالية (حرية) لبقي البث الإذاعي ليبراليا (حرا).ولعل "الفضائيات" اليوم تمثل تكرارا لجانب من التجربة التي سبق أن عشناها مع "الإذاعات الأهلية" فقد بدأت الفضائيات تحت سيطرة الأنظمة، محدودة الانتشار بحكم قلة أجهزة استقبال البث الفضائي، وأسعارها التي كانت باهظة، ومع بداية تعرفها على سبيل الرسوخ والانتشار، وتوجهها لأن تصبح "أهلية" بدأت معركة "تقليم الأظافر" والمصادرة، وهي معركة لن تنتهي قريبا.