11 سبتمبر 2025
تسجيلكنا ننتظر الدور في المركز الصحي.. فإذا بمواطنة ومعها ابنها الصغير به كدمات بوجهه، فقلت لها: "خير عسى ما شر؟" فأجابت:"بالمدرسة ما أدري طاح وإلا انطق!"، قلت: ماسألتيه؟ فقالت: "قال طاح"، قلت: "أحين بتدخلينه على الدكتورة وبتعطيج له مراهم وبيكون بخير، ما عليه شر"، فقالت: "لا يا وخيتي أنا يايه عشاني، ارتفع سكري من اتصلوا فيني يبلغوني، خروعوني حسبي الله على العدو"، هنا تذكرت قصة ابنتي من أربع سنوات — عندما كانت بالصف الأول — وإليكم القصة: فبينما أنا بالعمل إذ برقم غريب قد اتصل بي فوق الخمس مرات، فما انتهيت مما كان في يدي حتى أجبت: "السلام عليكم، حد متصل علي الشيخة؟ اي نعم أنتِ أم فلانة؟ فأرد نعم، فقالت: مش معقولة بنتك تجي ومعاها الأيبود للمدرسة، لو سمحتي تعالي هلى. فقلت: آسفة جداً واعذريها ترى اللي بعمرها بالروضة وأنا سبقتها سنة، وإن شاء الله ما بتكررها. قالت: لازم تجي هلى، فقلت: آسفه ما أقدر والأمر بسيط وما راح يتكرر.. بعد شهرين اتصال آخر: أم فلانة؟ نعم،خير بنتي فيها شيء، فقالت: اي بنتك ما بدها تعطي لزميلتها شيبس وبتقول زميلتها: إنها أعطتها من قبل شوكلاته. قلت: شنو؟! متصله عشان كافي وشيبس، والمطلوب أختي أحين شنو؟ أجيب لكم كيس شيبس وكرتون كافي (وكنت في قمة الغضب)، فقالت: لا بس لازم تجي تحكي مع بنتك إن هالسلوك ما بينفع مع زميلاتها. فقلت لها: والله أن جيت على هذه التفاهة فأنا أتفه منكم، وأغلقت الهاتف. وأما الاتصال الأخير فهو أساس القصة، يرن الهاتف ويرن ويرن فأقلق، وكنت جداً مشغولة. فأرد فتقول: أنتي أم فلانة؟ فقلت: نعم، هالمرة أجيب شيبس وإلا شوكلاته والا جابت بنتي الايبود معاها، وألا ليكون خذت أخوها اللي باللفة للمدرسة؟ فقالت أختي: "لا تستهزئي وعيب هالكلام. فقلت: والله لو كنت أدري بمستوى تدريسكم وبمستواكم كإدارة كنت ما بدخل بنتي مدرستكم! فقالت: لو سمحتي أم فلانة الموضوع خطير هالمرة، وما بيتحمل هالكلام واحنا آسفين على اللي فات. هنا أنا خفت أحسست بجدية الكلام، فقلت: وأنا آسفه سامحيني بس ضايقتوني وخوفتوني على أمور تافهة. فتقول: ضروري تجي هلى المدرسة بنتك عاملة أشي كبير ما نقدر نسكت عنه. فقلت: خير وشسوت؟ أختي ما بينفع الحكي هالمرة أشي خطير جدا جدا، ولازم حضورك حالاً. فقلت: صج والله؟ فقالت: نعم، تعالي حالا، فقلت: طيب أختي بنتي بخير. فقالت: ما بقدر أقول لك شي لين تجي المدرسة. فأحسست بسخونة في جسمي وانتفضت قدامي، ولم أعد قادرة على الحراك. ولم أقوَ على الاتصال بأحد لأنني لا أريد أحد أن يجزع كما جزعت. فاستأذنت وتركت عملي. وانطلقت وأنا أبكي بحرقة ولا أدري ما حدث لابنتي ثم هديت من روعي، وذكرت الله، وقلت: والله لن يصيبها إلا ما كتبه الله لها، فأخذت أسبح وأستغفر وأتصل للمدرسة ولا أحد يرد حتى وصلت. ويعلم الله كيف وصلت! وهناك أخذت أركض في ساحة المدرسة لا أدري إلى أين أتجه؟ للإدارة أم لصف ابنتي؟ ولا أدري أين ابنتي بالضبط؟ فدخلت الإدارة، وقلت: أنا أم فلانة.. فردت المديرة أهلاً وسهلاً وديها يا (الفراشة) للمخزن. فقلت بنفسي: المخزن؟! بنتي صار لها شيء وهي بالمخزن فبكيت وبكيت.. وكنت أسبق الفرّاشة وأمسك أحيانا بيدها لتسرع، وهي تقول: ما في خوف مدام. وعندما وصلت المخزن قالت لي موظفة هناك: الغرفة الثانية هون مخزن. فدخلت وإذا بمكتب وموظفة تجلس عليه وكراسي وأمهات!! فذهبت وعرفتها بنفسي، فقالت: آه أهلين أخيراً جيتي؟ قلت وين بنتي؟ وشفيها؟ وشصار عليها؟ وهي بخير؟ وين بنتي؟ فقالت أهدي بنتك هلى جاية. فقلت: كيف جاية؟ ومن وين جاية؟ وكل من بالمكان مستغرب مني! وما أن رأيت ابنتي حتى حضنتها وقبلتها وأخذت أتفحصها، واسألها: وشفيج؟ وشصار؟ فقالت: ماما ليش خشمج حمر!؟ فالتفت للموظفة ولم أعلم أنها وكيلة المدرسة، فقلت لها: ناديتوني من عملي على وجه السرعة ولأمر يخص ابنتي وخطير جداً وشو هالأمر؟ قالت: وانتي ليش خايفه هيك؟ فقلت: وشو الأمر الخطير اللي جبتوني من شغلي عليه، وخرعتوني على بنتي؟ فقالت: أختي اليوم جمعنا بعض الأمهات عشان نتكلم معاكم بخصوص بناتكم، فقلت: اجتماع للأمهات؟!! أرسلوا تنبيه! وأكملت: وبنتك فعلت شيء مش كويس. قلت: شنو؟ قالت: جابت أصبع روج للمدرسة، وصارت تحط إلها ولزميلتها، بيصير هالحكي يا أم فلانة؟ (فكظمت غيظي) فقلت: وين أصبع الروج؟ فقالت: تفضلي، فإذا به قلوس (يشبه الروج شفاف خاص للبنات الصغار) كانت قد اشترته أختي لابنتي وطوله لا يتعدى 5 سم. أخذته منها وقلت لابنتي: روحي وحطي لكل بنات الصف، ثم نظرت لها نظرة، وأسمعتها ما يجب سماعه، وانصرفت بعد أن قدمت شكواي لإدارتهم. وهناك قصص كثيرة حدثت وسمعنا بها أكبر من أصبع رووج تروع الأهل. همسة لكل من يوصل خبراً: لا تُجزع ولا تُفزع مسلماً آمناً في مكانه، ولا تروعه على حبيب له، فقد تُسبب له مرضاً أو جلطة أو موت بطريقة إبلاغك للخبر، وفي الحديث: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً"، وانتبه فغداً ستكون مكانه والدنيا دوارة. دمتم في حفظ الله ورعايته.