15 سبتمبر 2025

تسجيل

لحظة من فضلك

08 مايو 2011

من حين لاخر يحتاج كل فرد منا الى وقفة من النفس، لحظة يستعيد فيها نفسه. يراجع. يتأمل. ويحاسب نفسه وأخيرا يخطط لأيامه القادمة ولكن وسط كل ذلك يكون الضمير ويكون السؤال الحاكم المهم ماذا قدمنا؟ هل نسير على الدرب الصحيح؟ أم أن الطريق أحيانا يحيد واذا كان هذا هو الوضع فماذا نفعل؟ والحقيقة أن هناك سببين لكتابة ذلك المقال الذى جاء بعدما عرضت حكاية الشابة سارة لتى تحطمت أحلامها على صخرة التعنت الاجنبى فى فرجينيا كومنولث والسبب هو سماعى لتلك الآية الكريمة فجأة وكأننى اسمعها للمرة الأولى وسبحان من يبصرنا بأشياء فى الوقت الذى يريده والآية هي... بسم الله الرحمن الرحيم" [ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا. الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " صدق الله العظيم وأحسست وشعرت بعد سماعى تلك الآية بتمعن شديد أن الكثيرين منا يسيرون فى طريق ضال مضل وهم يحسبون أنهم فى الطريق الصحيح فى حين أنهم الى الهاوية والنهاية يسعون وأنا لا أعظ أحدا ربما أكون مثلهم أو على الأقل أحيد لكن التوقف للجميع ضرورة سواء أن كان مخطئا أو مصيبا والمحاسبة للنفس أمر هو فى قمة الايمان والسبب الثانى هو ما روته لى صديقة تعرضت الطائرة التى قدمت فيها من دولة مجاورة الأسبوع الماضى لمطبات هوائية عنيفة تقول لى ساعتها رأيت الجميع يردد الشهادة وربما يعاهد ربه أن نجاه أن يعود عن اى معاصى يرتكبها. ويكون التساؤل منطقيا وهو ماذا نفعل اذا وجد الانسان أنه ظلم نفسه أولا أو ظلم آخرين؟ وفى هذا يقول العلماء ..أعطى الله سبحانه وتعالى الانسان العقل والارادة والاختيار وامتن عليه بهذا وقال " وهديناه النجدين " والنجدين جمع نجد والمراد بها الطريق الوعر لأن الانسان اذا سار فى طريق الشر سيجد وعورة واذا سار فى طريق الخير أيضا سيجد صعوبة وأنت مطالب بأن تحمل نفسك حملا على طريق الخير قال تعالى "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسّاها " فالله فى سورة الشمس أقسم بالشمس وضحاها وبالقمر وبالليل والنهار وبالنفس.. وأقسم بالنفس التى خلقتها وسويتها وأودعت فيها عوامل التقوى والفجور "فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها" اذن المؤمن مطالب بأن يطهر نفسه بالقرآن كما ينبغى بالبعد عن كل ما يخالف الدين. والحقيقة أن المراجعة تقتضى منا أن نعلم ونوقن أن الركض والسعى وراء امور الدنيا والجشع والطمع بامتلاك الدنيا بحرام أو حلال لا يزيد ولا ينقص من رزق الانسان المكتوب والمعلوم لدى الله سبحانه وتعالى منذ كان نطفة ثم أربعين يوما علقة ثم أربعين يوما مضغة ثم يقول الله للملك اكتب فيقول الملك اربى وماذا اكتب فيقول الرب اكتب اسمه اكتب عمره اكتب رزقه اكتب شقى أو سعيد "ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم الا فى كتاب من قبل أن نبرأها " اذن هى دعوة للجميع بان يطهر نفسه بالوقوف معها ومحاسبتها بعنف قبل أن يحاسبها الجبار البصير بكل ما فعلنا وكما يقولون حاسبوا قبل أن تحاسبوا. ، وهذا مصداقا لقوله سبحانه " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ اِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " صدق الله العطيم وفى هذا يقول الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضى الله عنه: يا أيها الناس حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنُوها قبل أن تُوزنوا!! وتزينوا للعرض الأكبر يوم لا تخفى منكم خافية.. فانما يخف الحساب يوم القيامة عمن حاسب نفسه فى الدنيا. وأخيرا كما يقول الحسن البصرى ان المؤمن قوَّام على نفسه، يحاسب نفسه لله عز وجل، وانما خف الحسابُ يوم القيامة على قومٍ حاسبوا أنفسهم فى الدنيا، وانما شق الحسابُ يوم القيامة على قومٍ أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة فالمسلم اذا حاسب نفسه فى الدنيا قبل أن يحاسب خف فى يوم القيامة حسابه وحضر عند السؤال بين يدى الله جوابه فاللهم اجعل ضمائرنا حية وقلوبنا عامرة بذكرك وأفعالنا خالصة لوجهك انك نعم المولى ونعم النصير. [email protected]