10 سبتمبر 2025

تسجيل

10 دقائق أم 10 أيام؟!

08 مايو 2011

دخلت التكنولوجيا الحديثة وملحقاتها بقوة وبسرعة في كثير من مجالات الحياة. وأصبح العالم كما قيل — قبل سنة — مختزلاً في شاشة تبلغ 14 بوصة، وتطورت اليوم في شاشات اجهزة الهواتف النقالة والألواح الرقمية بشاشات لا تتعدى البوصتين. كما ان دخول الإنترنت وغيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة في حياتنا العملية اليومية، جعلنا نعتمد عليها بشكل أساسي في انجاز الكثير من الامور، التي لو انقطعت لأحسسنا أن الحياة توقفت معها. ففي الولايات المتحدة مثلاً تستطيع ان تطلب اي نوع من الخدمات بدون ان تقوم عن كرسيك. بل وصل الامر الى إجرء اطباء عمليات جراحية دقيقة والمريض يبعد عنهم آلاف الكيلومترات. في عالمنا السريع والمتطور استطاعت بعض الوزارات والمؤسسات القطرية اللحاق بالجديد في عالم الحوسبة والاتصالات وتطويعها لتكون في خدمة الوطن والمواطن، وذلك بتقديم العديد من الخدمات عن طريق الانترنت وتكنولوجيا الهاتف النقال. في حين تخلف البعض الآخر عن الاستفادة منها بشكل صحيح.. إما جهلاً بإمكانياتها او عجزاً من الجهاز البشري عن التعامل معها. من الوزارات القليلة التي استطاعت أن تطور خدماتها للجمهور بشكل جيد وتطوع التكنولوجيا لخدمة الوطن والمواطن، وزارة الداخلية التي ما فتئت تقدم الخدمة تلو الاخرى عن طريق الإنترنت والهاتف النقال، كما انشأت العديد من المنافذ الخدمية واختصرت مدد الإنجاز، وقضت على الروتين الذي كان سائدا في الماضي. وباتت حاجتك للذهاب للوزارة في أضيق نطاق ممكن. وعلى النقيض من ذلك تقبع وزارة الأعمال والتجارة — في نظري — في آخر الركب بالنسبة للاستفادة من التكنولوجيا في إنجاز اعمال المواطنين.. فزيارة واحدة لمبنى الوزارة ورؤيتك للازدحام الحاصل، وضياع الناس بين الموظفين، ونوعية الخدمات المقدمة والاوراق المطلوبة؛ تجعلك ترثي لحال من سيدخل الوزارة لإنجاز معاملاته. إدارة التسجيل والتراخيص التجارية بالوزارة تختص بإنشاء السجلات التجارية، وهو المكان الوحيد الموجود فى قطر — فرع الوزارة في السد يختص بإجراء التعديلات على السجل وإصدار المستخرجات التجارية فقط — ولايوجد اى فروع اخرى تؤدي ذات الخدمة، مما يجعله مكتظا على آخره بالمراجعين. يقول احد المراجعين إنه جاء لتأسيس شركة مقاولات جديدة فاستغرق منه الرجوع إلى السجل 6 مرات مختلفة، لأن الموظف يرجعه مرة تلو الاخرى لأن أوراقه ناقصة او هناك إمضاءات غير موجودة. وعندما يطلب المراجع من الموظف ان يفهمه ويشرح له ماهي الاجراءات والاوراق المطلوبة، يرفض ان يعطيه المعلومة كاملة او يحيله ببساطة الى موظف آخر. اما ادارة التراخيص التجارية بالسد بلازا وهي تختص بإجراء التعديلات على السجل وإصدار المستخرجات التجارية، فلم تسلم هي الأخرى من الشكاوى والازدحامات وتأخر انجاز المعاملات، بسبب قلة الموظفين مقارنة بعدد المقاعد واجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم. كما ان الوزارة تعتمد نظام إنجاز المعاملات بالارقام الممنوحة للمراجعين. وكثيراً ما ينتهي تقديم الارقام بين الساعة الثامنة والعاشرة صباحا، او يتم الاكتفاء بعدد معين من الارقام قد يصل الى 50 رقما فقط.. والطامة أن يأتي دورك لتتفاجأ بأنه لا يوجد نماذج للأوراق الرسمية المطلوب تعبئتها، مما يحتم عليك الانتظار لحين وصول النماذج من مقر الوزارة الرئيسي أو الرجوع في يوم آخر للحصول على رقم لإنجاز المطلوب. احد المراجعين كان يجلس وقد بدت على وجهه علامات الضيق والغضب، فسألناه عن السبب، فقال انه حضر إلى مبنى البلدية لتجديد الرخصة منذ الساعة السادسة والنصف حتى يحصل على رقم، وبالفعل حصل على الرقم 32، إلا ان نماذج الأوراق نفدت من المكان والآن الساعة العاشرة والنصف وهو مازال منتظرا. كما عبر عن استيائه من التطويل في إنهاء المعاملة، حيث حضر أكثر من مرة لإنهاء المعاملة الواحدة. كما يشكو هو والمراجعين من ارتفاع رسوم الخدمات التي تقدمها الوزارة ممثلة بإدارة السجل التجاري، ويتساءل: لماذا تتقاضى الوزارة رسوما مرتفعة، دون أن يحصل المراجع على خدمة جيدة أو سريعة؟ ويضيف انه يعمل في تجارة الاثاث وان متطلبات ذكر الانشطة تجبي فيها الوزارة رسوما عالية على كل صنف، فهو قد دفع 1000 ريال لنشاط تجارة الأثاث المنزلي، وسيدفع 1000 ريال اخرى ليضيف كلمة الاثاث المكتبي و1000 ريال ثالثه للأثاث المدرسي و1000 ريال اخرى للأثاث الفندقي.. الخ. الرسوم المطلوب دفعها من المواطنين والمقيمين من قبل الوزارة والغرامات المبالغ فيها، قضية اخرى يتطلب ان يُنظر لها.. فهناك تفنن بين وزارات الدولة بشكل عام في فرض الرسوم على كل صغيرة وكبيرة للخدمات المختلفة. وكأنهم في تنافس فيمن يجبي للحكومة اكبر قدر ممكن من الريالات من جيوب المواطنين. مشكلة اخرى لن تجدها الا في وزارة الاعمال والتجارة، وهي اختيار المسميات التجارية. فأنت اذا اردت ان تسجل مؤسستك التجارية عليك ان تحضر معك 20 الى 30 اسما، وستكون محظوظاً اذا حاز اسم منها القبول، والا كان مصيرك العوده مرة تلو الاخرى لحين الحصول على الاسم المناسب. مع ان حل هذه المعضلة هو تجهيز كمبيوتر لإدخال المراجعين الأسماء واختيار الاسم المطلوب للمؤسسة. ولكن الوزارة رأت ان تقدم هذه الخدمة مقابل 1000 ريال كما يشير اليه الموقع الالكتروني للوزارة. واسعار الخدمات المقدمة من الوزارة فيها تفاوت غريب، فتغيير عنوان الشركة الكترونياً سيكلفك 500 ريال، في حين ان طلب تحديد جلسة لسماع اقوال في نزاع بشأن علامة تجارية سيكلفك 25 ريالا حسب ما هو مذكور في موقع الوزارة!! والشكوى العامه من المراجعين في الوزارة، ان الموظفين لايعطونهم المعلومات كاملة ويرفضون مساعدتهم لأتفه الاسباب، مثل نقص كلمة او ان المعاملة تحتوى على كلمة معينة مختلفة فى المسمى، حيث يجب ان يكون الكلام الموجود حرفيا. يقول احد المراجعين إنه حضر الى السجل لإضافة انشطة جديدة على الترخيص، وعندما سأل الموظف ما هي الصيغة المطلوبة قال اضف ما تريده انت، وعندما قام بإضافة اسم النشاط اعترض على الكلمة حيث انه مرتبط بمسميات بعينها. باختصار وبالعامية.. "الموظفين نفوسهم في خشومهم". يقول احد رجال الاعمال ان شريكه — رجل اعمال سوداني — جاء في زيارة عمل الى الدوحة لمدة يومين لإنهاء معاملات إنشاء شركة معه لاستيراد لحوم من السودان، وإنه قام بملاحقة العديد من المتطلبات والمعاملات الحكومية والمالية المصرفية لغرض إنشاء الشركة واستخراج السجل التجاري، وقد استغرقه ذلك حوالي أسبوعين لإنجاز ما انجزه رجل الاعمال السوداني مع شريكه الإماراتي في دبي خلال يومين فقط!!. واذا تتبعت الإجراءات المطلوبه لإنشاء الشركة حسب متطلبات الوزارة لرأيت أن الامر يتطلب التالي: ❶ يتقدم التاجر بالطلب الخاص بقيد الشركات مرفقاً بالمستندات الرسمية. ❷ يتم اختيار الاسم التجاري وأخذ الموافقة من قسم السجل التجاري والعلامات التجارية. ❸ يتم توثيق عقد التأسيس بوزارة العدل. ❹ يتم الاطلاع على النظام الأساسي وإقراره للشركة. ❺ يتم أخذ الموافقة على النشاط التجاري من الجهة المعنية إذا لزم الأمر. ❻ إرسال خطاب للبنك بإيداع رأس المال المحدد للشركة. ❼ يتم الاشتراك في الغرفة التجارية. ❽ يتم إصدار السجل التجاري. ❾ يتم إصدار الرخصة التجارية لمزاولة النشاط. والمضحك ان الموقع الالكترونى للوزارة يحدد لك نوعية الخدمات والوقت اللازم لإجراء العملية والذي يتراوح حسبما هو مذكور بين 10 — 15 دقيقة، وهذا بعيد عن ارض الواقع، والاقرب ان تستبدل كلمة الدقيقة باليوم. كما ان اغلى الخدمات الالكترونية هي لتنزيل الاستمارات والفورمات المطلوبة. لا ادري ما الذي يستطيع الآخرون إنجازه في يومين، ويتطلب منا أن نؤديه في اسبوعين.. ولكني اعرف أن الامر لا يتعلق بقلة الموارد ولا بقلة الموظفين، ولكنه يتعلق بإرادة التغيير وتحمل الأمانة والعمل الجاد لمعرفة المعوقات وحلها بأسرع وقت ممكن.. موقع الوزارة يذكر لك 20 حقاً من حقوقنا كمستهلكين وتجار، ونحن نطالب بحق اساسي واحد وهو تذليل وتسهيل الخدمات المقدمة لنا. لا شك ان وزارة الأعمال والتجارة تعاني من ضعف كبير في أداء عملها المتمثل في تدني خدماتها للمجتمع وللدولة، وأبرز دليل عدم تجاوبها مع المشاكل المزمنة للمراجعين من رجال الاعمال والمواطنين، والتكدس اليومي امام كاونترات الوزارة.. إذ يرى عدد من رجال الأعمال والمستثمرين أن وزارة الأعمال والتجارة مطالبة بجهد اكبر في مجال تطوير بيئة الأعمال وتذليل العقبات، وتطوير الخدمات المقدمة، وتحسين فرص المنافسة لترتقي الى المستوى الذي يليق بهذه الوزارة الأساسية في تطوير اقتصاد الدولة. ◄ فاصلة أخيرة: يقول أحد الإخوة: اذا رأيت المندوبين او المخلصين امام اي وزارة فاعرف انها وزارة لم تستطع ان تطور خدماتها لتمكين المواطنين من تخليص امورهم بطريقة حضارية.. واذا قننت خدماتها بصرف ارقام للخدمة لا تتعدى حدا معينا يومياً، فاعرف أنها وزارة فاشلة ليس لها القدرة على مواكبة متطلبات النهضة السريعة التي تشهدها الدولة في كافة المجالات وعلى مختلف الأصعدة..