14 سبتمبر 2025
تسجيلالسلامة من الخطأ والتوفيق للصواب مطلب نطمح إليه جميعًا، ولو كانت السلامة في عشرة أجزاء لكان لحفظ اللسان النصيب الأكبر في سلامة الإنسان من الوقوع في الأخطاء، فمَن قل كلامه قل خطؤه، كما يقولون، وكثرة الكلام فيما لا ينفعك ولا ينفع غيرك تزيد من الوقوع في الزلل، ولا خير فيها، بعكس الصمت؛ ففيه خير كثير للمسلم. قال الله تعالى: «لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا» (النساء: 114). وقال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا» (الأحزاب: 70). ومدح نبينا الكريم - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - الصمت وجعله دلالة على الإيمان؛ فعن أبي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه – أنه قال: قال رسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -: «وَمَنْ كَان يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخر فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» (رواه البخاريُّ ومُسلمٌ). وحذَّرنا من خطورة الكلمة؛ فقد رُوي عن النبي ﷺ أنه قال: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالًا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم» (رواه البخاريُّ). فالصمت صفة الصفوة، يزيد الوقار والهيبة ونور الوجه وسكينة الروح. والصمت نوعان: - صمت ممدوح، وهو صمت المسلم عن الوقوع فيما حرَّم الله، مثل: الكذب والاستهزاء والغِيبة والنَّمِيمَة وسوء الخلق وغيرها من آفات اللسان، والصمت عن كثرة الكلام في اللهو واللغو الذي يؤدِّي إلى الوقوع في الخطأ كذلك. - وصمت مذموم، كالصمت في المواقف التي يجب الكلام فيها، كالدعوة إلى الله وتعليم العلم وشهادة الحق ونشر الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فالمسلم طويل الصمت يرجو السلامة ويخشى الإفلاس يوم القيامة، فعن أبي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - قال: «أتدرون ما المفلس؟»، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: «إن المفلس مِن أمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتَم هذا، وقذف هذا، وأكَل مال هذا، وسفَك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنِيَتْ حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار» (رواه مُسلمٌ). فأشغِل لسانك بقراءة القرآن والمحافظة على جميع الأذكار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل النصيحة لإخوانك فيما ينفعهم ويصلح شأنهم، وما عدا ذلك فاجنح إلى الصمت فهو خيرٌ وأسلم لك. فيجب عليك، أيها المسلم الصائم، أن تمسك لسانك عن الخوض في حق الآخرين أو الحديث في المحرمات والمهلكات وأن تقتصر على الكلام النافع لك ولغيرك، ولا تنسَ أننا محاسبون مسؤولون على كل حرف تنطق به ألسنتا. قال تعالى: «مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» (ق: 18). أسأل الله تعالى لي ولكم السلامة وحفظ اللسان والتوفيق لكل خير يا رحمن.. اللهم آمين يا رب العالمين.