09 أكتوبر 2025
تسجيلوباء كورونا (كوفيد - 19) سوف ينتهي وستزول آثاره الصحية وسوف تتجاوز البشرية مرحلة خطورة انتشاره كما تجاوزت أوبئة وطواعين وحروبا مدمرة من قبل، ولكن الأثر الذي ستتركه بعد ما تم اتخاذه من إجراءات لن يزول بنفس السرعة وربما أصبحت هذه الإجراءات فيما بعد قواعد وظواهر اجتماعية قد يصبح البعض منها عادة في كثير من المجتمعات سوف تستمر في حياة البشرية أزمنة طويلة، ومن حظ المجتمع الدولي في الوقت الحالي أن هذا الفيروس انتشر في وقت تطورت فيه وسائل الاتصال الحديثة واصبح التواصل بين البشرية كدول وافراد تكنولوجياً في أقصى درجات التطور وتعددت وسائل الاتصال لدرجة اعتماد الناس على بعضهم البعض اقتصاديا واجتماعيا، بخلاف ما كان يحدث في الأوبئة والطواعين التي حدثت في العالم من قبل، وكانت وسائل المواصلات بالبغال والجمال في القرن قبل الماضي، ولكن كان انتشار الأمراض وقتها بطيئاً وليس سريعاً كما يحدث اليوم لفيروس كورونا، ولكن من الإيجابيات تناقل وتبادل المعلومات بصورة سريعة لتفادي خطورة انتشار الفيروس وتبادل المعلومات والخطوات الإجرائية لدرء الخطر عن البشرية واكتشاف مضادات وأدوية معالجة او مخففة لخطورة الوباء على الانسان. ولا يخفى على الجميع أن فيروس كورونا لقن العالم درساً لن ينساه في التواضع والتخلي عن الكبرياء لكثير من شعوب العالم وحكومات بعض الدول التي فرضت نفسها على العالم بالقوة سواء عسكريا او اقتصادياً أو تكنولوجياً، ووقفت كل تلك الاساطير الكونية عاجزة عن مواجهة فيروس لا يرى بالعين المجردة، واظهر هذا الفيروس تواضعاً كبيرا من قبل المتكبرين الذين اعتقدوا انهم امتلكوا العالم، وسقطت الكثير من الأساطير التي كان تصدقها البشرية ويتباهى بها صُناعها، وأود في هذه السانحة ان اوجز البعض من هذه الأساطير لعل البشرية بعد زوال هذه الجائحة أن ينظروا اليها وقد تجردت من صفات الأسطورة ولا يعطوها اكبر من حجمها وان يتذكروا ان قدرة الله سبحانه وتعالى اكبر من أي قوة يصنعها البشر وتكون لنا عظة في مستقبل حياتنا، وهي على سبيل المثال ولا الحصر: أسطورة المال أمام الفيروس، اكتشفنا أنه عاجز أمامه، ولم يعد المال يصنع السعادة والحماية، وتساوى الغني والفقير، وتبخرت نصف ثروات العالم في شهور، بحثا عن علاج أو حماية. أسطورة الأغنياء والعظماء، تساوى الكل، لم يعد هناك VIP، وأصبح الجميع بلا حماية، ولا جاه، أو سلطة، أو عزوة. أسطورة "أنا مهم" أهميتك ذهبت، وتحكمك وسلطانك لم يعد له أي داع. وبقيت سجينا، بل مقيدا في البيت، مختبئا خلف قناع وقفاز، ولم يعد هناك من يبحث عنك، ولا عن مظهريتك وأهميتك الفارغة. أسطورة "الهواش" نتهاوش مع من، وعلى ماذا، ولماذا، وكيف؟ عندما اكتشفنا أن خلافاتنا على بضعة أيام هربت منا، وضيعنا العمر في الكراهية والغل والظلم. أسطورة "الغد" أصبحت الأيام تتشابه مع بعضها، كل يوم كالذي يليه، ولا تجد ما تعمله، سوى الأكل ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي. وهكذا أصبح العمر يجري منك، وأنت الذي كنت تضيعه، من غير رسالة حب وخدمة تعطي حياتك معنى. أسطورة "العلم"، الذي كان معتقداً في نفسه، أنه يستطيع فعل كل شيء، أصبح واقفا عاجزا أمام فيروس. والعلماء الذين شككوا في الله وكلامه، وكسروا وصاياه، وكفروا به وتحدوا نظامه، وخدموا الأخلاق، أصبحوا يدعونه ليعلمهم ويلهمهم المخرج من هذا الجحيم. أسطورة "التأمين"، ما الذي يؤمن مستقبلك ومستقبل أولادك وبلدك؟ لا يوجد غير ستر الله وحمايته، ولا يوجد بلد محمي أكثر من غيره، ولا توجد منطقة تهرب إليها، بل حتى الطيران توقف على مستوى العالم. وأخيرا سقطت أسطورة "الدول العظمي". لا جوازات أمريكا ولا كندا ولا أوروبا نافعة، والطب والحماية عندهم أصبحا أقل من عندنا، والعمل والمستقبل المشرق، ضاع من عندهم، وتساوت كل البلاد، كبيرها وصغيرها. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]