11 سبتمبر 2025

تسجيل

بوادر واقع جديد في السوق النفطية

08 أبريل 2015

في ظل استيعاب السوق بأن تأثير عودة النفط الإيراني للسوق النفطية سيكون مستبعدا لغاية الانتهاء من الاتفاق النهائي في هذا الخصوص والذي سيكون في 30 يونيو 2015، ولهذا بدأ تعافٍ في أسعار النفط مع ضعف قيمة صرف الدولار الأمريكي إلى جانب مستجدات بدأت السوق النفطية تنتبه لها مجدداً وهي ما سنحاول تسليط الضوء عليه، وهي تختص بالسوق الأمريكية على وجه الخصوص.يستمر المخزون النفطي الأمريكي بتسجيل مستويات تاريخية، ويتزامن ذلك مع استمرار خفض في عدد أبراج ومنصات الحفر في الولايات المتحدة الأمريكية، ويبدو أن إجمالي إنتاج النفط الخام الأمريكي على أساس أسبوعي بدأ يبرز خفضا في الإنتاج حسب أرقام إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية، حيث بدأ إنتاج النفط ينخفض من 9.42 مليون برميل يومياً خلال الأسبوع المنتهي في 20 مارس 2015 ليصل إلى 2.39 مليون برميل يومياً خلال الأسبوع المنتهي في 3 أبريل 2015، وهذا الخفض وإن كان طفيفاً إلا أنه مؤشر يسجل أول خفض منذ شهر يناير 2015، وهو ما جعل المراقبين يتحدثون عن اقتراب بلوغ إنتاج النفط الأمريكي الذروة وهو ما يعني مؤشراً إيجابياً لصالح إعادة التوازن في سوق النفط، ومع استمرار ارتفاع معدل تشغيل المصافي في الولايات المتحدة، مستفيدين من ارتفاع هوامش أرباح المصافي، فإن ذلك يعني أن سحوبات من المخزون النفطي الأمريكي ربما تبدأ خلال الأشهر مايو – سبتمبر 2015، هذا الواقع في السوق الأمريكية يعني تحولا في الفائض في السوق من النفط الخام إلى المنتجات البترولية بافتراض بلوغ إجمالي إنتاج النفط الخام الأمريكي الذروة في شهر أبريل 2015، واستمرار ارتفاع معدل تشغيل المصافي الأمريكية، توقيت الذروة أو القدرة القصوى الاستيعابية للتخزين في الولايات المتحدة تبقى في خانة اللايقين والاجتهاد.جولدمان ساكس يقدر الزيادة السنوية في إجمالي إنتاج النفط الأمريكي تكون في حدود 700 ألف برميل يومياً، بينما الزيادة خلال الربع الأخير من عام 2015 مقارنة مع الربع الأخير من عام 2014 تكون فقط 170 ألف برميل يومياً، ورغم ذلك إلا أن أسعار النفط تبقى ضعيفة نسبياً في ظل بوادر تعافٍ تدريجي في السوق وخفض الفائض ولكن وتيرة الخفض ليست كافية لأحداث التوازن بسرعة وربما الأمر يتم في عام 2016 من أجل إحداث نقلة نوعية باتجاه التوازن ودعم أسعار النفط الخام على وجه العموم، طبعاً هذا بدون اعتبار عودة النفط الإيراني للسوق النفطية، وهذا وإن كان يشير إلى أمر أن تطورات السوق خلال السنوات القادمة تؤكد استمرار ارتفاع المعروض عن المطلوب وبالتالي ضغوط على الأسعار، خصوصا إذا ما تم إنجاز الاتفاق بخصوص الملف النووي الإيراني حسب الخطة في 30 يونيو 2015 كذلك في حال استقرار الوضع السياسي في ليبيا وتعافي الإنتاج هناك.يتوقع المراقبون أن الاتفاق ما بين المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وإيران حول الملف النووي والذي وُضعت ملامحه في 2 أبريل 2015، والذي يعتبر أساسيا للتوصل لاتفاق نهائي بحلول نهاية يونيو، لن يؤدي إلى إضافة في المعروض في السوق النفطية إلا بعد 30 يونيو 2015، وأنه خلال شهور بالإمكان توقع 600 ألف برميل يومياً في السوق ولكن ارتفاعا وثباتا في الإنتاج لن يكون قبل عام 2016، وأن عموم الاتفاق يواجه تحديات داخل الولايات المتحدة الأمريكية وإيران رغم الترحيب المبدئي وأنه قد يعني في نهاية المطاف تعافي إنتاج النفط الإيراني.يتوقع البيت الاستشاري بيرا في دراسة حديثة أسعار نفط خام برنت عند 54 دولارا للبرميل خلال الربع الأول من عام 2015، 56 دولارا للبرميل خلال الربع الثاني من عام 2015، 61 دولارا للبرميل خلال الربع الثالث من عام 2015، 67 دولارا للبرميل خلال الربع الرابع من عام 2015. أعلنت شركه أرامكو السعودية عن تسعير نفوطها لشهر مايو 2015، وقد قامت برفع أسعار نفوطها مما أوجد انطباعاً إيجابياً في سوق النفط حول تعافي الطلب وهو ما دعم أسعار النفط الخام، وقد قامت أرامكو بتقليص الفروقات ما بين النفط العربي الخفيف والنفط العربي الثقيل لأسواق أمريكا وأسواق أوروبا ويعزو المراقبون ذلك في ظل عدة أمور، أبرزها ارتفاع المعروض من النفط الخام الخفيف فائق النوعية مقابل ثبات في المعروض من النفط الثقيل والمتوسط وهو ما يجعل وضع هذه النفوط في السوق أفضل، وتعافي هوامش أرباح المصافي هناك وارتفاع الطلب على النفط في الولايات المتحدة خلال الربع الأول من عام 2015، وتماشياً مع تسعير النفوط الإفريقية والروسية في أوروبا.أما في آسيا فقد قامت شركة أرامكو برفع النفط العربي الخفيف أكثر من معدل رفع تسعير النفط الثقيل وهو يعكس ثلاثة أمور، (1) تعافي هوامش أرباح المصافي في السوق الآسيوية، (2) تحسن أسعار المنتجات الخفيفة في تلك السوق، (3) ضعف وتقلص الكونتانجو لنفط الإشارة دبي، ما بين الأسعار للشهر الحالي مقابل أسعار المستقبل علماً بأن من المتوقع بلوغ المصافي للصيانة خلال شهر مايو 2015.وعموماً فإن المراقبين ومنهم البيت الاستشاري جي بي إس، يقدرون أن عموم المعطيات في الأسواق تظل ضعيفة مع ارتفاع المعروض، سواء مع استمرار إنتاج السعودية عند 10 ملايين برميل يومياً، أو ارتفاع إنتاج العراق من النفط، أو تعافي إنتاج ليبيا ليصل إلى 564 ألف برميل يومياً، أو ارتفاع إنتاج روسيا من النفط الخام ليصل إلى 10.7 مليون برميل يومياً.وأخيرا فإن المؤشرات التي تستحق متابعتها خلال الفترة القادمة هي (1) توقيت ومستوى المخزون النفطي في البلدان الصناعية والولايات المتحدة الأمريكية، (2) وتيرة تباطؤ إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية، (3) تطور العوامل الجيوسياسية وتأثيرها على الإمدادات في السوق، (4) تأثير خفض عدد منصات الحفر وخفض تكاليف الحفر على الإنتاج، (5) متابعة أداء أسهم الشركات النفطية في الأسواق العالمية، (6) متابعة الأداء الاقتصادي ومستوى تعافي الطلب العالمي على النفط.