23 سبتمبر 2025
تسجيلارتبط الأخوان المسلمون بتقاليد أصولية اختلفت من بلد لآخر، لكنهم اجتمعوا على قواعد صارمة في العامل مع الآخرين، وفق منظور إسلامي حاول بعضهم فرضه على مجتمعاتهم بأساليب قسرية تتجاهل سماحة الإسلام، وقدرته على استيعاب معطيات العصر، باعتباره الدين الخاتم والصالح لكل زمان ومكان، وفي خضم ما يمر به عالمنا العربي والإسلامي من مخاضات عسيرة، ظهر بين الأخوان أو انشق عنهم تيار جديد سماه منتسبوه بالتيار التنويري، والأولى أن يسمى التيار التحريضي، وقد ظهر رموز هذا التيار في أكثر من بلد عربي، ومهد لظهور بعض الثورات العربية، أو عجل بها، ولا يزال يسعى بكل ما أوتي من قوة لخلخلة أنظمة عربية مستقرة، وصولا إلى ما وصل إليه الحال في البلدان التي اجتاحها ما سمي بالربيع العربي، وهذا لا يلغي الظروف الموضوعية التي أدت إليها تلك الثورات، لكن من يسمون بالتنويريين من الأخوان المسلمين حاولوا من خلال بعض المؤسسات أو التجمعات أو الملتقيات، زعزعة الأمن في أكثر من بلد عربي، مستغلين رصيدهم الجماهيري الذي كونوه من خلال برامجهم الدينية في الفضائيات العربية، والتي صنعت منهم رموزا لامعة في سماء الفكر الديني، وساعدهم على التغلغل في صفوف الشباب.. ما يعيشه هؤلاء الشباب من ظروف اجتماعية مربكة، كالفقر والبطالة وما تفرزه هذه الظروف من نقمة تولد أمراضا اجتماعية أصبحت مستوطنة في بعض إن لم نقل كل المجتمعات العربية. "التنويريون" الجدد ظهروا للمشاهد العربي كدعاة إصلاح، ولم يدرك أن الهدف من برامجهم التلفزيونية الشهيرة هو تحريض الشعوب العربية ضد حكامها، وقد فاتهم أن ظروفا وأسبابا موضوعية محددة هي التي يمكن أن تولد الثورة، وأن التحريض ليس من هذه الظروف والأسباب، وقد أراد هؤلاء "التنويريون" وضع العربة أمام الحصان، فكانت النتيجة هي السقوط العلني لمواقفهم، وانكشاف ألاعيبهم أمام الجميع، مما أتاح للمناوئين لهم فرصة النيل منهم وبحرفية عالية، لا منفذ للمآخذ عليها، وإذا بأحدهم يتعرض لوقف برامجه الفضائية، وآخر تم الكشف عن مواقفه الزئبقية تجاه بعض الأحداث، وأعلن: (إن الحرية قبل الدين) وآخر كشف عن وجهه القبيح، بعد أن ظهر مجندوه من الشباب بلباس خاص في "ميدان التحرير"، محاولا اختطاف الثورة من أيدي أبنائها، وآخر لازال يحتمي بسلطة الدولة التي آوته ليبث سمومه عبر جوامعها وفضائياتها، ليلتقوا مع من ركب موجة الخطب النارية ضد دولته متسترا بالطائفية البغيضة وبلغة أقرب إلى لغة الحاقدين والموتورين والناقمين على كل شيء، وغيرهم كثيرون يختلفون في الاتجاهات والأساليب، ويلتقون على التحريض والمبالغة والكذب، والاستغلال البشع للدين. كيف تثق الأمة بعلماء من هذا النوع؟ وما هو التنوير الذي يريدون الوصول إليه؟ وأين هي الجماهير التي أوكلت لهم التصرف في شئونها؟ ومن منحهم الوصاية على غيرهم؟. التغيير.. التنوير.. الإصلاح.. عناوين براقة تختفي وراءها نوايا مشبوهة، وقودها ثلة من الموتورين ضد غيرهم، والمرفوضين من مجتمعاتهم، والحاقدين على حكوماتهم، والمشاكسين لأنفسهم قبل غيرهم، وهي فئات يمكن استدراجها بسهولة للعمل التخريبي، لأنها ترى في أولئك "التنويريين" مثلها الأعلى دون أن تدرك أي خطورة يمثلها هؤلاء "التنويريون" على البلاد والعباد، ومع الأسف فإن هذه الممارسات هي التي تفرز اتهام الإصلاحيين الحقيقيين بما ليس فيهم من المثالب والعيوب، أما من يمكن أن نسميهم بالإصلاحيين المزيفين الذين يسمون أنفسهم "التنويريين"، فهم من يجب أن يحذرهم الشباب، فلا المعسول من كلامهم، ولا المنمق من برامجهم الفضائية، ولا دوراتهم التدريبية، ولا خطبهم في الجوامع، ولا شخصياتهم المغلفة بالرزانة المزيفة.. لا شيء من ذلك يؤهلهم لأن يحتلوا منابر الإصلاح ليتحول على أيديهم إلى منابر للتحريض وإشاعة الفوضى، والإفساد في الأرض.