02 نوفمبر 2025
تسجيلبدد الحوار الإستراتيجي القطري الأمريكي ما بقي من أوهام لدى تلك القلة القليلة من مهندسي الحصار الجائر المضروب على دولة قطر منذ الخامس من يونيو ولعله أيضا نفض ما علق من غبار التضليل على أصنام الباطل حتى يتجلى الحق المبين للناس أجمعين، والحق المبين اليوم هو أن تعلة الإرهاب التي رفعها المحاصرون سقطت كورقة التوت وظهرت دولة قطر على حقيقتها الساطعة التي نطق بها وزير الخارجية الأمريكي تيلرسن وهي اعتبار واشنطن دولة قطر شريكا أمينا وناجعا في الحرب على الإرهاب وتجفيف منابعه وملاحقة مرتكبيه. لن يكون الوضع السياسي في المنطقة هو ذاته ما قبل وما بعد الحوار الإستراتيجي بين واشنطن والدوحة! الأسباب جلية واضحة: أولها إحلال قطر على الصعيد الدولي منزلة الشريك الكامل والصادق في الجهود الدولية الرامية إلى تخليص العالم من وباء الإرهاب، وثانيها إعلان وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبدالرحمن أن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مستعد ومتحمس لحضور القمة الأمريكية الخليجية في شهر مايو القادم بنفس الشجاعة والهمة اللتين حضر بهما في قمة الكويت لدول مجلس التعاون حين غاب الآخرون، وثالثها إصرار الدوحة بقيادتها الحكيمة على سلوك نفس النهج الدبلوماسي الأخلاقي المترفع عن سفاسف الآخرين وتدليسهم للحقائق وتمسكهم بالتضليل حين ثبت للرأي العام الدولي اليوم أن قطر لن تفرط في سيادتها وفي نفس الوقت لن تمس سيادة جيرانها، ورابعها تمسك قطر بوحدة الأسرة الخليجية الواحدة ضمن مجلس التعاون باعتباره المنظومة الجامعة لدولها حتى لا ينفرط عقده بسبب ما كان وزير الخارجية الألماني نعته بروح المغامرة لدى بعض قادة السعودية والإمارات، وخامسها تلك الكبرياء المشروعة التي تعود عليها المراقبون للشأن الخليجي لدى قيادة قطر وشعبها وهي كبرياء الجرأة دون تهور في خدمة القضايا العربية والإسلامية بالفعل لا بالقول منذ أن تحملت الدوحة أمانة إعمار قطاع غزة وكسر حصاره بتلك الزيارة التاريخية التي خلدها تاريخ فلسطين الحديث ومعها مشروع إعمار جنوب لبنان بعد ما لحقه من دمار الاحتلال والزيارة التي خلدها تاريخ المقاومة اللبنانية الباسلة فوصف اللبنانيون الأبطال قطر شريكا في تحرير الجنوب، وسادسها حين استمر نفس النهج الأصيل مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله حين كان هو رئيس الدولة العربية الوحيد الذي اغتنم خطابه على منبر الجمعية العمومية للأمم المتحدة فصدع بالحق منددا بالعدوان الإسرائيلي الغاشم ورابطا بين الاحتلال وتهديد السلام في المنطقة وفي العالم ومطالبا بعودة الحقوق إلى أصحابها أبناء فلسطين المجاهدين من أجل وطنهم في زمن سكت فيه قادة عرب بنفس المناسبة عن مجرد إثارة المظلمة الفلسطينية ظنا منهم أنهم ربما يحرجون الراعي الأمريكي أو الحليف الإسرائيلي. أكدت مواقف قطر المشرفة أن المبادئ الوطنية والقيم القومية لا تقبلان لديها المساومة ولا المقايضة، أما سابعها فهي التعادلية في السياسة أي الحفاظ على التوازن بين مقتضيات الشراكة الإستراتيجية بين قطر والولايات المتحدة وبين مستحقات التمسك بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وهنا لا بد من التذكير برفض قطر الحازم للتفريط في بيت المقدس ودعوة واشنطن للتراجع عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وهذا الموقف ليس نتيجة حسابات سياسية أو تنازل إستراتيجي بل هو موقف يندرج في أصول الدبلوماسية القطرية، وثامنها الوقوف القطري المتميز للدفاع عن الوطن أمام التهديدات التي حللها سعادة وزير الدولة لشؤون الدفاع د. خالد محمد العطية في منتديات ووسائل إعلام أمريكية مفسرا الاتفاقيات العسكرية بين الدوحة وواشنطن وبين الدوحة وأنقرة حين وضع هذه المعاهدات الدفاعية في إطارها الصحيح لصيانة أمن وسلامة الشعب القطري ومنطقة الخليج بأسرها. هذه الحقائق الثماني التي استعرضناها بإيجاز هي التي ستكون الخط الفارق بين مرحلة ما قبل ومرحلة ما بعد الحوار الإستراتيجي القطري الأمريكي وسيكشف المستقبل القريب صدق دولة قطر وزيف محاصريها وإن غدا لناظره قريب.