16 سبتمبر 2025

تسجيل

دولة قطر والانحياز لمنطق الحق والعدالة

08 فبراير 2014

حينما اتخذت دولة قطر موقفا وموقعا سياسيا وإنسانيا وحضاريا في دعم ربيع الشعوب العربية وفي الانحياز للإنسان العربي الحر، وفي التفاعل الصميمي مع المطالب الشرعية والإنسانية لجماهير المحرومين، فهي إنما كانت تمارس فعلا حضاريا مجيدا سيخلده التاريخ بكل تأكيد، وكانت قيادتها التاريخية زمن الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة حفظه الله أو الشابة في زمن سمو الأمير تميم بن حمد رعاه الله، تعي تماما حجم المخاطر والارتدادات التي ستواجهها الدولة وهي تخوض في سباق ورهان التحدي الحضاري لكسب المستقبل، وستواجه بكل تأكيد بعواصف عاتية من الكراهية والمواقف المتشنجة وبحملات إعلامية مختلفة وصور، وأنماط متباينة وبذيئة من العداء والتشكيك والإساءة بمختلف صورها، نعم لم يكن لدى القطريين أي شكوك حول ما سيواجههم، ولكنهم في غمرة رسالتهم الحضارية كانوا ولا زالوا يؤمنون إيمانا راسخا بحقيقة إن الله يدافع عن الذين آمنوا، وبأن تطورات المستقبل قريبة بأن تكشف عن الكثير من الأمور الجوهرية المتوارية حاليا خلف غبار الأزمات الراهنة، لقد كانت الرؤية الفكرية والسياسية الواضحة والشفافة التي أعلن عنها سعادة وزير الخارجية الدكتور خالد العطية في مؤتمر ميونخ الأخير تحمل بكل حرفنة وتميز المبادئ والأسس العامة التي تبرمج عمل السياسة الخارجية القطرية، وتصوغ آليات تفاعلها مع المتغيرات الجارية في العالم، وتعبر بمسؤولية أخلاقية كبرى عن منهج أخلاقي قويم في الميدان السياسي يدعو للعدالة ولإنصاف الشعوب الحرة ولسلوك أساليب أكثر وضوحا وعدالة للمجتمع الدولي في التعامل مع مشاكل الشعوب المظلومة، دولة قطر ومن خلال الرؤية الأميرية والتي يترجمها فرسان السياسة الخارجية القطرية، وربانها المجرب سعادة الدكتور العطية، تدرك تماما طبيعة المرحلة التاريخية التي تعيشها شعوب العالم الثالث، وهي تحاول الفكاك من أسر الدكتاتورية والاستبداد المطلق، وتؤسس لنهضة حضارية قادمة لا محالة، لينهض الشرق من كبوته التي طالت كثيرا. قد هيأ الله تعالى لدولة قطر لها كل أسباب الانطلاق الحضاري والفهم الواعي والمدرك لطبيعة المرحلة الراهنة، وذلك عبر وجود القيادة الحكيمة التي تصوغ عقد المستقبل بعقلية انفتاحية متطورة، ورؤية واضحة وشفافة خالية من أي عقد أو أوهام، وهو ما قد يعرضها كثيرا لسهام النقد والتشكيك ويجعلها هدفا دائما لحزب أعداء النجاح، وما أكثرهم في مربع الفشل، دولة قطر برؤيتها الحضارية لا تشكل ملجئًا ولا حاضنة لأي تيارات متطرفة أو جامدة بل إنها عنوان دائم ويقيني لكل ماهو متطور وجديد وصبر القيادة على المكاره والبناء الوطني بصمت وتحقيق إنجازات البناء الكبرى، وسيفاجأ في النهاية كل المتربصين والكارهين. فقطر لا ترد على الحاقدين بحقد مماثل، بل تترك الإنجازات تتحدث عن نفسها وعن صواب رؤيتها. رسالة قطر الحضارية للعالم، قد نجحت الدبلوماسية القطرية في نشرها للعالم، وحالة الهدوء والثقة بالنفس التي تطبع السياسة القطرية قد جعلتها نموذجا دوليا يحتذى به، وأثبت أن الكبار يظلون كبارا بعزة أنفسهم وباحترامهم لقيم الحق والعدالة وبنصرة الإنسان في كل مكان، إنها الرسالة الحضارية السامية المنطلقة من نهضة تعليمية وبناء متراكم، وتفعيل كبير للدولة القطرية ولاسمها ومكانتها بين أمم الأرض الحية. قطر اليوم، نقطة إشعاع وجذب من عمق الخليج العربي، وهي تقف صامدة وصلبة في مواجهة العواصف الإقليمية العاتية وتؤسس لحالة تطورية شاملة، وتكسب مكانتها الراقية بين دول العالم، وتدعو بجد وجهد القوى الدولية الكبرى لتبني موازين أكثر عدالة، ولتفهم احتياجات الشعوب المظلومة، وقطر ستظل شوكة في عيون الظالمين، ونورا يستضاء به للأحرار في كل مكان، وإيمان دولة قطر بالقدرة الكاملة للشعوب الحرة على تجاوز إشكاليات ومصاعب وتحديات حالة التغيير التاريخية في المنطقة لا يتطلب سوى الصبر وممارسة أقصى درجات المرونة السياسية في إدارة ملفات الأزمات المتحولة، وستبقى دولة قطر بأميرها الفارس ورجالها الأحرار موئلا ومعقدا لكل نواصي الخير والأمل، وقلعة شماء لن يتطاول لأسوارها كل حاقد جحود في ظل عقد الحب والتراضي بين الشعب وقيادته التي نجحت في كسب رهان التحدي الحضاري بكل جدارة ومسؤولية.