17 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حالة التنمر والاستقواء التي يشعر بها صنّاع القرار في طهران مرتبطة بشكل مباشر بانهيار موازين القوى في المنطقة، فالقادة في إيران يشعرون بأن هناك فرصة تاريخية استثنائية تلوح في الأفق تسمح لهم ببسط نفوذهم في إقليم يعاني من اختلال فادح في موازين القوى. والحق أن العرب يدفعون ثمن سقوط نظام صدام حسين الذي كان شوكة في حلق النظام الحاكم في إيران، ومما زاد من الطين بلة أن التحالف بين إيران وروسيا في سوريا أخذ شكل الفعل على الأرض في وقت ما زالت فيه إدارة أوباما تمنع حلفاءها من الحد من تأثير التحالف الروسي الإيراني.يعكس الهجوم الإيراني على السفارة السعودية بنية ذهنية تعود إلى فترة ما بين الحربين العالميتين، ولا يمكن أن يتم الاعتداء على السفارة والقنصلية السعودتين إلا بتحريض من قبل نخب نافذة وحاكمة في إيران، وهو أمر وإن أنكره الإيرانيون الذين يمارسوا خداعا غير مسبوق إلا أنه لا يمر مرور الكرام على المجتمع الدولي الذي أدانه بأشد العبارات من خلال مجلس الأمن بالأمم المتحدة. وبات جليا للقاصي والداني إيران تستغل الفوضى الإقليمية والتفكيك الجاري في المنطقة لإشعال صراع طائفي يمكنها من تصدير ثورتها عبر الورقة المذهبية ما يعني أنها بصدد إشعال صراع قد يعصف بالمنطقة ويدفعها إلى حافة الهاوية. بدورها، ترفع السعودية شعار استعادة موازين القوى، فهي دولة تحترم إمكانياتها ودورها ولا تسمح باستمرار الاختلال الفادح في موازين القوى في ظل وجود دولة غير راضية باستمرار قواعد اللعبة الإقليمية التقليدية (إيران)، لذلك جاء الرد السعودي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وهو إجراء يبعث برسالة واضحة بأن السعودية لن تقف مكتوفة الأيدي حتى لو تخلى عنها البعض. فالسعودية التي يقع على كاهلها حمل ميزان القوى بعد تراجع مصر واندحار دورها المحوري تعرّف مصالحها بلغة الواقعية السياسية التي ترى بأن سياسة السعودية ينبغي أن تهدف إلى تحقيق توازن القوى وليس فقط الدفاع عن أمنها الوطني.في الإقليم هناك محاور ثلاثة تصطف في خنادق مختلفة وإن تقاطعت في بعض المواقف، فإيران والعراق وبشار وحزب الله مع روسيا في خندق، وهو محور يستغل ضعف الرئيس أوباما بغية فرض سياسة الأمر الواقع. يقابل هذا محور آخر تقوده السعودية وقطر وتركيا ينتصر للشعب السوري ويحاول رفع الكلفة على أفعال المحور الأول. الطامة الكبرى أن هناك محورا ثالثا مكونا من مصر والأردن والإمارات، وإن لا يصطف مع إيران ضد السعودية إلا أن مواقف دوله من سوريا في نهاية الأمر يساعد الإيرانيين وأعوانهم في تنفيذ مخططاتهم القائمة على إلحاق هزيمة بالثورة السورية بحجة مكافحة الإرهاب أو على الأقل إحداث تطهير عرقي للسنة في حدود سوريا المفيدة.يقع على كاهل العرب مسؤولية الوقوف في وجه الاعتداءات الإيرانية وحالة التنمر، وفي لقاء الرياض غدا السبت ربما نسمع عن مواقف أكثر تماسكا من ذي قبل، خاصة وأن إيران تعوّل على عدم تطابق وجهات نظر كل الدول الخليجية إزاء سياسة إيران التوسعية في المنطقة. وسيكون من المؤسف حقا لو أن اجتماع الجامعة العربية في الأيام القادمة لم يرتق إلى مستوى مسوؤلية إعادة الاعتبار للعرب في مواجهة إيران.طبعا ليس المطلوب إعلان الحرب على إيران، لكن هناك أدوات وإمكانات على العرب التفكير بها في سوريا على سبيل المثال، فمن غير المعقول أن يقف العرب متفرجين على التحالف الإيراني الروسي وهو يخوض حربا ديمغرافية لصالح الأقلية في سوريا، فهناك ضرورة للتنسيق أكثر مع تركيا وتأجيل بحث الملفات التي يختلف عليها بعض العرب مع تركيا وهنا الحديث عن الموقف من الإخوان المسلمين.علينا أن نعي جيدا أن احتجاج إيران على إعدام معارض سعودي يستند إلى موقف طائفي ورغبة حقيقية في إشعال فتنة داخلية في السعودية بين مكونات الشعب الواحد لعل ذلك يقدم لها فرصة أخرى للتأثير وإشغال السعودية في أزمة داخلية ما يعني عمليا إفساح المجال لإكمال حلقات هلالها الشيعي. ومع ذلك يبقى دائما السؤال الجوهري من دون إجابة عملية وهو متى نتمكن من تحويل التنوع والتعددية في مجتمعاتنا إلى نقطة قوة بدلا من أن تكون كعب أخيل؟ فحتى لا نضل علينا أن نسأل أنفسنا دائما هذا السؤال مع الإبقاء على حق دولنا في التصدي للمشروع الفارسي في المنطقة ومن دون هوادة، فهو مشروع لا يختلف كثيرا عن المشروع الصهيوني، ولا يعقل أن نقبل بأن تكون المنطقة بين فكي الكماشة الصهيوني من الغرب والفارسي من الشرق.