11 سبتمبر 2025
تسجيللماذا لم يتحقق التكامل العربي حتى الآن.. رغم مضي سبعين عاما على تأسيس الجامعة العربية التي تشكل النظام الإقليمي العربي؟ هذا السؤال هو الرئيسي والمطروح بقوة في مؤتمر"فكر 14" الذي انطلقت أعماله مساء أمس – الأحد - بالقاهرة. وتنظمه مؤسسة الفكر العربي بالتعاون مع الجامعة العربية. بمشاركة لفيف من المفكرين والخبراء والمتخصصين والشباب والمنظمات العربية المتخصصة والأهلية. غير أن الإجابة عن هذا السؤال. لاتتم في أروقة المؤتمر بالصيغ التقليدية التي اعتدنا عليها في مؤتمرات من هذا النوع. ولكنها تأخذ شكلا مغايرا عبر تطبيق منهجية جديدة. تعتمد على التفاعل بين المشاركين. وبمنأى عن الأوراق سابقة التجهيز.. وصولا -عبر مجموعات العمل التي يتوزعون عليها - إلى رؤى وتصورات وأفكار تصب في منحى بناء منظومة تكاملية عربية.. تنهض على التخلي عن الحماس والانفعال المبالغ فيه- وفق تعبير الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير مكة ورئيس مؤسسة الفكر العربي – والبناء على أنساق عقلانية مجردة. وتولي الاهتمام الكبير للعقل والفكر والتدبر بالدرجة الأولى. بعد أن أمضينا ما يقرب من العقود السبعة –والكلام لكاتب هذه السطور- نعتمد على منهجية الصراخ والشعارات. الأمر الذي ما أدى إلى تأخر الأمة في الانخراط في المنظومة التكاملية المطلوبة. والتي صاغ مفكرون وباحثون كثر. مساراتها وآليات تطبيقها في المشهد العربي.لقد سألت الدكتور هنري العويط المفكر العربي والمدير العام لمؤسسة الفكر العربي. عن دلالات اختيار التكامل العربي موضوعا للمؤتمر فأبلغني أن هذا الموضوع اختاره الأمير خالد الفيصل بنفسه. في ظل الظروف والمعطيات البالغة الدقة والخطورة التي يمر بها العالم العربي.. خاصة على صعيد ما تتعرض له بعض دوله من انقسامات ونزاعات. وتفكك في بنيتها المجتمعية. فضلا عما يواجهه العالم العربي برمته من تحديات داخلية وخارجية في آن. وذلك على الرغم مما قد يبدو من أن اختيار هذا الموضوع كما لو أنه خارج السياق العام. بيد أنه في الواقع يعكس أننا - لاسيما في ظل الوضعية الراهنة بالذات- أحوج ما نكون إلى إعادة بناء اللحمة سواء على صعيد كل بلد عربي بمفرده أو على مستوى المنظومة العامة للدول العربية. وتتجاوز الأطروحات التي يتبناها المؤتمر بشأن التكامل العربي. الأطر التقليدية مازجة بين أبعاده السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية والأمنية. فضلا عما يتعلق بالمواطنة والهوية القومية. والتكامل بين مؤسسات العمل العربي المشترك.. من خلال طرح وإثارة حزمة من الأسئلة على المشاركين في مجموعاتهم - التي شارك في إحداها الأمير خالد الفيصل والدكتور نبيل العربي - وإجراء مناقشات مستفيضة بشأنها.. لبلورة الأسئلة الأكثر أهمية. التي تتماس مع أولويات القضايا والملفات في النظام الإقليمي العربي. لتشكل الإجابات عنها خلال مداخلات المؤتمر- التي ستستمر ثلاثة أيام تنتهي غدا الثلاثاء - خارطة طريق وخطوات محددة. يتم رفعها لصناع القرار لبلورتها في الواقع أو هكذا هو المأمول.والأسئلة المطلوب تقديم إجابات عنها من قبل المشاركين تجاوزت علامة الاستفهام: لماذا؟ إلى علامة الاستفهام: كيف؟ وهو ما يعني نقلها من الإطار النظري إلى السياق العملي.. الذي بات مطلوبا بإلحاح في المرحلة الراهنة.. بحسبان أن بلورة مقاربة حقيقية وواقعية وعلمية للتكامل العربي بمفهومه الشامل. يستلزم إحداث اختراق للإرادة السياسية لدى القيادات العليا والنخب الحاكمة في الدول العربية.. لتتجاوب مع مخرجات العديد من البحوث والدراسات التي تعالج هذه القضية منذ عقود. إن مؤسسة الفكر العربي التي مضى على تأسيسها 15 عاما. شكلت بالفعل قيمة مضافة على صعيد التعاطي مع قضايا وهموم الأمة. عبر مؤتمراتها السنوية التي تعقد في مختلف عواصم العرب. أما ثانيا فإنها هيئة من هيئات المجتمع المدني. أي أنها لا تملك سلطة القرار. ولا تتولى مسؤولية التنفيذ بل مهمتها ورسالتها ووظيفتها جمع المفكرين وأصحاب الرؤى حول قضايا معينة.