12 سبتمبر 2025
تسجيلتتكشف مؤامرات الطغمة العسكرية الانقلابية الحاكمة في مصر يوما بعد يوم، ولا شك أن التسريب الأخير المتعلق باختطاف الرئيس الشرعي المدني المنتخب الدكتور محمد مرسي، يظهر جانبا من مؤامرات الجنرالات وحلفائهم لتقويض العملية الديمقراطية ووقف المسار الديمقراطي في مصر، والعودة إلى حكم الجيش والعسكر، وإعادة بناء جمهورية الخوف والفساد من جديد.يكشف التسريب عن بعض خيوط المؤامرة ضد الإرادة الشعبية، من كذب وتزوير وتدليس تتعلق بالمكان الذي اختطف إليه الرئيس مرسي، وتلفيق التهم، وصناعة الأدلة المزورة بتنسيق بين الجنرالات والنيابة العامة والقضاء الذين يشكلون مثلثا خطرا من مثلثات الدولة العميقة الغارقة في الفساد، والتي كانت تتربص بثورة يناير وما نتج عنها من انتخابات ودستور ومحاكمات وفتح لبعض أوراق الفساد المتراكم على مدى أكثر من 30 عاما.التسريب الأخير يأتي بالطبع حلقة في سلسلة من حلقات التآمر على الشعب المصري، وهنا لا بد من التذكير بالتسريب الأول الذي كان يتحدث فيه الجنرال عبد الفتاح السيسي لقيادات الجيش قبل 6 أشهر من الانقلاب المشؤوم في 3 يوليو 2013، والذي كشف فيها بعض خيوط المؤامرة للإطاحة بالرئيس المنتخب، لأننا "مش ممكن نسلم الجيش لراجل منعرفوش" كما قال، ثم جاءت تصريحات وكيل جهاز المخابرات الذي اعترف أن جهاز المخابرات لم يزود الرئيس مرسي بأي معلومة صحيحة، وأنه كان يعتبره عدوا يجب التخلص منه، ثم تسريبات يوم اختطاف الرئيس الشرعي، مما يلقي الضوء على المخططات التي أفضت إلى الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر.مشكلة العسكر ليست مع الإخوان المسلمين فقط، بل مع كل الشعب المصري، ولو كان الرئيس المنتخب شيوعيا مدنيا لانقلبوا عليه لأنهم "ميعرفهوش" ولأنه ليس رجلهم، وما يهم المنظومة العسكرية المصرية "الجيش والأمن والمخابرات" هو أن يكون الرئيس منهم "راجلهم وبتاعهم"، وبالتالي فمن غير الممكن التسليم لرئيس ينتخبه الشعب ولا يختاره الجيش، ولذلك من الحمق والسذاجة والسخافة والتسطيح اعتبار أن الجيش قام بانقلابه لأن "مرشد الإخوان" يوجه الرئيس، أو لأن الرئيس المنتخب يقوم "بأخونة" الدولة، أو لأنه يقوم ببناء دولة دينية، ولو كان الرئيس المنتخب شيوعيا لانقلبوا عليه بحجة "تكفير المجتمع" والانتماء إلى "الأممية العالمية" ونشر "الإلحاد" بين الناس ، ومحاولة سلب أموال الأغنياء بحجة "التأميم"، ولكانت النتيجة واحدة وهي "اختطاف الرئيس الشيوعي المنتخب" وتأليب الناس على قتله بحجة أنه "كافر وتكفيري"، ولكن لأن الرئيس مرسي "مؤمن ويؤمن بالعدالة وحرية الملكية الفردية" فإن التهم التي يمكن تلفيقها له هي "الأخونة والتخابر" مع أن أي شخص يمكن نظريا أن يتخابر من أجل أن يكون رئيسا، فما هو مبرر "رئيس منتخب للتخابر أصلا".موقف العسكر يذكرني بإحدى مسرحيات "غوار الطوشة" عندما يقوم غوار بضرب رجل بحجة أنه دعس عليه، وعندما نفى الرجل ذلك وقال له أنت أمامي فكيف تسنى لي فعل ذلك وأنت واقف، أجابه "أنت دعست على ظلي، ومن يدعس على ظلي فكأنما دعس علي" وهكذا هم العسكر في مصر، فهم مستعدون لتزوير كل الأدلة الفاسدة " في الظل والخفاء" من أجل الإبقاء على دولة العسكر والجنرالات الذين تحولوا إلى "ملوك وفراعنة"، واستمرار السيطرة على مصر التي يسيطرون عليها منذ أكثر من 60 عاما، لم تعرف خلالها سوى الخوف والرعب والدكتاتورية والفساد والديون والفقر والمرض والضعف والهزائم، ورغم أن هؤلاء الجنرالات الفاسدين لم يسجلوا انتصارا واحدا على مدى نصف قرن من حكمهم. لأنهم حولوا الجيش من الاحتراف العسكري القتالي إلى صناعة المعكرونة وأسياخ" كفتة عبعاطي".سيهزم الانقلاب وسيهزم الانقلابيون وسيحاكم الجنرالات على خيانتهم للديمقراطية والشعب وسيودعون في السجون كما حدث في تركيا وأمريكا اللاتينية، ولو بعد حين.