10 سبتمبر 2025

تسجيل

كسرة قلب

07 نوفمبر 2023

كثيرة هي اللحظات الصعبة في أروقة الحياة، ولعلّ أصعبها وأكثرها قساوة تلك التي نتلقى فيها خبر وفاة شخص غالٍ علينا، تربطنا به أحاسيس جميلة كالصداقة والأخوّة وزمالة عمل، ومن شدة الصدمة نشعر وكأن كل ما حولنا قد انهار ومن نحب لم يعد موجوداً ولن نراه بعد اليوم، وتكتسحنا سلسلة من المشاعر المتأرجحة التي لربما لم نشعر بها مسبقاً ويستلزم إلى وقت للتأقلم واسترداد العافية من أثر الحزن. تتفاوت التعبيرات والعواطف والتفاعل بين شخص وآخر، وتمضي سلسلة الفاجعة بمشاعر الندم والحزن والبكاء ترافق سيل الدموع إلى أن تصل لمرحلة الرضا والقبول بحكمة رب العباد والكون، وقد ينتاب البعض مشاعر الوحدة وعدم الرغبة في الحديث والابتعاد عن الأصدقاء، فالجميع يتفاعل مع الموت بطريقة مختلفة. يجب أن يكون لدينا نضج وفطنة في آلية إدارة مشاعر الحزن من خلال التصالح وكيفية تعاملنا مع وجع الفقد بطريقة صحية، لتعود عجلة الحياة بالدوران والعطاء ونتذكر قوله سبحانه وتعالى «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ». من الفطرة أن نحزن ونستدمع في مثل هذه الظروف حيال رحيل من نحب لنخفف التوتر والقلق والتعبير عن المشاعر، ولإنقاص هذا الألم والحزن، ينصح بالتواصل الاجتماعي مع أقرب الأصدقاء والتحدث معهم للتعبير بإدراك ويقين عن مشاعرهم، وأخذ قسط من النوم لتخفيف الضغط النفسي والتوتر العاطفي والانشغال بالأمور الحياتية مما يجعل التفكير يلتهي بأمور بعيدة عن الهواجس والأفكار السلبية المحبطة، فالحزين المكروب روحه شاحبة، تفيض عيناه دموع الشجن والوجع ويكاد يختنق ويتوقف عن التنفس، فهو في احتياج بالأسابيع الأولى لدعم عاطفي للوصول لمرحلة التعافي والشفاء من خلال أفراد عائلته أو أصدقائه المقربين. في الأسابيع والأشهر الأولى، مشاعر الحزن واسعة، وترتبط الذاكرة بفيض من الذكريات مع من أحزننا رحيلهم، ومع مرور الوقت والزمن سيصبح الأمر أهون بكثير، لذلك التعامل مع إدارة المشاعر في المواقف الحزينة خاصة عند رحيل صديق مقرب أو أحد أفراد العائلة ومن نحب، من التحديات الصعبة التي يجب أن نتعامل معها بمرونة وذكاء وصبر ورضا بقضاء الله وقدره، ومع مرور الوقت تتضاءل حدة الحزن ونتغلب عليه لنكتفي باحتضان الذكريات الجميلة مع من فقدناهم وكانوا جزءاً من البهجة والانشراح في الحياة اليومية والعملية. هكذا هي سنة الحياة، نشتاق لأرواح نحبها لن تعود ولرحيلهم معنى عميق، فهم يعيشون في أرواحنا، نتنفس ذكرياتهم الجميلة وقلوبنا تنبض لهم بالحب والوفاء، غيابهم يترك أثراً طيباً ليخفف أحزاننا ونتعايش مع الموقف برضا الله وقدره وسيعوضنا الله بلقائهم في جنات النعيم، فاللهم ارحم من كسروا قلوبنا برحيلهم وأدخلهم الجنة دون حساب.