26 سبتمبر 2025
تسجيلتفصلنا عن انطلاق كأس العالم أيام قليلة واستعدت الدولة التي تشرفت باستضافتها لاستقبال زوارها من جميع قارات العالم بأديانهم وأعراقهم وتقاليدهم المختلفة بنفس الأريحية والقبول لأن عقيدة هذه الدولة هي منذ عقود التعلق بتحالف الحضارات وحوار الأديان وتضامن الثقافات وهذه القيم الكونية والأخلاقية هي محاور مؤتمرات عالمية نظمتها الدوحة منذ أواسط التسعينيات ودعت للمساهمة فيها أعلاما من مختلف الجنسيات وجدوا في قاعة المجلس بالشيراتون فضاء حرا ورحبا للنقاش وتوحيد الجهود وتجاوز العقبات والأفكار المسبقة ونالني في ذلك التاريخ القريب شرف المشاركة فيها عندما كنت أستاذا بجامعة قطر الرفيعة المستوى إلى جانب فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رحمه الله كممثلين للفكر المسلم الوسطي المتسامح المنفتح كما تشرفت بالمساهمة بقسط متواضع في تأسيس مركز الدوحة لحوار الأديان وبنفس هذه العقيدة الحضارية قدمت دولة قطر ترشحها لتنظيم كأس العالم وفاز ملفها عن جدارة لكن هذا الفوز -كما توقعنا- شكل صدمة لتلك العقول المتحجرة المتعلقة بالعنصرية والإسلاموفوبيا فشرعت منذ 2011 تخطط لبث افتراءات ظنت أنها وجدتها في الطقس الحار وأسقطت هذه الحجة فرفع العنصريون شعار حماية البيئة ولكنهم خذلوا بعد أن نالت قطر أوسمة في حماية البيئة ولم يبق لهؤلاء المدلسين سوى الارتكاز على حقوق الإنسان ثم أدركوا أن قطر رائدة في إقليمها في مجال حماية عمالها وضمان حقوقهم وحرياتهم. ولعل سعادة وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن في حواره الصريح مع أكبر الصحف الفرنسية فند نهائيا ما روجته لوبيات العار من أراجيف حين أكد أن المبررات المقدمة لمقاطعة كأس العالم قطر 2022 لا تستند إلى الموضوعية مشيرا إلى وجود كثير من النفاق فـي الهجمات التي تستهدف بـلاده والتي تتجاهل كل الإنجازات التي حققتها وأضاف أن تلك المـزاعـم يـرددهـا عدد قليل من الأشخاص في 10 دول على أقصى تقدير وهؤلاء لا يمثلون بقية سكان الكوكب. وتـابـع «الـحـقـيـقـة هـي أن الـعـالـم يـتـطـلـع إلــى هـذا الاحـتـفـال»، لافتا إلـى أن أكثر مـن 97 % مـن التذاكر بـيـعـت، ومــن بـين الــدول الـعـشـر الـتـي اشـتـرت أكبر عدد من التذاكر دول أوروبية مثل فرنسا. وقال إن كـرة الـقـدم ملك للجميع، وليست محجوزة لنادي النخب، وإن 450 مليون عربي مسرورون لأن كأس العالم تقام في منطقتهم. وفــي رد عـلـى ســؤال حــول حـقـوق الـعـمـال أوضــح الــوزيــر إن قـطـر دعــت المـنـظـمـات غـيـر الـحـكـومـيـة للحضور ومراقبة نظامها، مـؤكـدا أن قطر قطعت شوطا طويلا لإصـلاح تشريعاتها، مشيراً إلـى أن هذه الإصلاحات تستغرق وقتا، كما هو الحال مع أي بلد آخـر، متسائلا: لمـاذا يتم إلـقـاء الـلـوم بشكل مـنـهـجـي فـي هــذه المـشـكـلات عـلـى عـاتـق الـحـكـومـة القطرية، بينما في أوروبا، في أقل حادثة، يتم إلقاء الـلـوم عـلـى الـشـركـة؟ لمــاذا هــذا الـكـيـل بـمـكـيـالـين؟”. وأعرب عن اعتقاده بأن بعض الأشخاص لا يقبلون أن يستضيف بلد صغير من الشرق الأوسط حدثا كونيا مثل بطولة كأس العالم. ورداً عـلـى ســؤال “لـومـونـد” حــول نـظـام التكييف المـثـبـت فـي المـلاعـب خــلال مـبـاريـات كــأس الـعـالـم، أوضـح سعادته أن درجـات الـحـرارة فـي بـلاده، في الـفـتـرة مـن نـوفـمـبـر إلــى ديـسـمـبـر، أقــل تـقـريـبـا من درجــات الـحـرارة فـي أوروبــا خـلال فـصـل الصيف، لذلك لن يتم استخدام التكييف. كـمـا أشـــار إلــى أن بـعـض المــلاعــب الأوروبــيــة يتم تـسـخـيـنـهـا خــلال فـصـل الــشــتــاء، ولــم يـعـتـبـر أحـد أن ذلــك يـمـثـل مـشـكـلـة. فــلــمــاذا تـعـتـبـر حـقـيـقـة أن الملاعب القطرية مكيفة مشكلة على الرغم من أن الـتـكـنـولـوجـيـا المـسـتـخـدمـة أكـثـر حـداثـة وتـأثـيـرهـا على البيئة محدود أكثر» ورداً عـلـى ســـؤال «لــومــونــد» عــن تــوقــع مـراقـبـين لــحــدوث «صـــدام الـثـقـافـات» بــين المـشـجـعـين حـول الـعـالـم وقـطـر قــال سـعـادتـه إن الـعـالـم كـلـه مرحب بــه فــي قــطــر، وكــل مــا تـطـلـبـه قـطـر هــو أن يـحـتـرم المشجعون قوانين البلاد. وصدق رئيس تحرير (الشرق) في افتتاحية السبت الماضي حين قال " تـرتـفـع كـل يــوم الـحـمـلات الداعمة لدولة قطر وتبرز الأصـوات المدافعة عن حق دول العالم العربي والاسـلامـي فـي تنظيم هـذا الـحـدث العالمي، والـتـصـدي للبعض ممن لا يقبلون أن تـقـوم دولــة عربية مسلمة وصغيرة في الشرق الأوسط باستضافة مثل هذا الحدث العالمي مما يكشف حجم تأثير هـذه الحملة القائمة على الافــتــراءات والـنـفـاق وازدواجـيـة المعايير وإن النفاق وعـدم الموضوعية اللذين اتسمت بهما الحملة المـوجـهـة ضـد قـطـر ستهزمهما الـحـقـائـق. وفي مقال على صحيفة (عربي 21) نشر الزميل د.محمد هنيد أستاذ العلوم السياسية بالسوربون مقالا قال فيه: "كيف لبلد عربي صغير أن يخوض في مساحات الكبار ويخترق السياج الذي أحكم حول المنطقة وشعوبها؟ كيف يُسمح لبلد صغير أن يتحوّل إلى لاعب إقليمي ودولي لا في عدد الجيوش أو الترسانات النووية بل في القدرة على التنظيم والتحكم في أسواق الطاقة وصناعة إعلام مهنيّ بديل والتوسط في أعقد الصراعات الدولية بحكمة نادرة؟ كيف يتجرأ شعب عربي صغير على كسر طوق الوصاية والمنافسة على طاولة الكبار ثم الظفر بما احتكروه لأنفسهم عقودا من الزمن؟ ومن جهته علق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني قائلا بأنه مع الأسف منذ البداية انبرت بعض الأوساط القريبة والبعيدة في سباق لإفشال هذا الحدث العالمي...في قطر! وخاب سعيهم.