14 سبتمبر 2025

تسجيل

صنعاء .. العيد بلون واحد !!

07 أكتوبر 2014

"تفتيش" كلمة أطلقها صبي حوثي مراهق يتمنطق ببندقية أثقلت كاهله عندما أوقف سيارة يستقلها زعيم قبلي كان متوجها لأداء صلاة عيد الأضحى في شارع الستين الغربي بالعاصمة صنعاء.. انقاد كل ركاب تلك السيارة لتوجيهات ذلك الصبي ولم ينبس أي منهم ببنت شفه، وعندما وصل هذا الزعيم القبلي ومرافقوه إلى حيث يتجمع الناس لأداء صلاة العيد أقبل جمع من المسلحين الحوثيين برفقة إمام ليضعونه محل إمام من غير لونهم ليبدأ خطبته بصرخة حوثية تدعو بالموت والثبور لأمريكا وإسرائيل عندها لم يجد الكثير من المصلين بدا سوى مغادرة المكان والتوجه مباشرة من الطريق نفسه إلى منازلهم لأنه لم يعد للناس حتى خيار سلوك طريق آخر تأسيا بالسنة النبوية في مثل هذه المناسبة. لم يكن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بأحسن حال من مواطنيه بل ربما كان مواطنوه أحسن منه، على الأقل لأن بعضهم تمكن من تطبيق السنة والصلاة في فضاء مفتوح بينما حشر الرئيس نفسه وأعضاء حكومته وقادة عسكريين في إحدى قاعات القصر الرئاسي.. بدت الصورة التلفزيونية مكفهرة ومهزوزة تعكس اهتزاز كرامة صنعاء وكبريائها.. كثيرون استنكروا إصرار الرئيس هادي على ممارسة التقاليد البرتوكولية وعدم حرمان الشعب اليمني من رؤية عينيه الزائغتين وارتباك أعضاء حراسته الذين يلتفتون يمنة ويسرة وكأن المليشيات تترصدهم من بين الصفوف في مشهد بائس يحيل كل من يتابع إلى مدى سيطرة الحوثيين على كل مداخل ومخارج القصر الرئاسي بل وينازعون منصور هادي سلطاته السيادية التي من بينها تكليف رئيس جديد للحكومة المرتقبة. ينتظر الناس كل يوم متى يتم الإعلان عن رئيس الحكومة ومتى ينسحب مسلحو الحوثي من صنعاء لكن السيد عبد الملك الحوثي قدس الله سره!! والذي يحيط به المستشارون العسكريون والسياسيون الإيرانيون لم يعجبه حتى الآن أي من الأسماء التي يقترحها عليه رئيس وضع فيه اليمنيون ثقتهم ربما لأن نصائح خبراء الحوثي تقول: ألعب مع الساسة اليمنيين كما نلعب نحن في التفاوض على الملف النووي الإيراني وعندما تتحكم في كل مفاصل المؤسسة العسكرية وتصبح ميليشياتك جزءا لا يتجزأ من الجيش عندها يصبح اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي وقعت عليه كل الأطراف السياسية في خبر كان وتحل محله توجيهات فقيه مران بصعدة. قد يقول قائل هل يعقل أن تسير الأمور بهذا الشكل؟ أين القوى السياسية؟ أين المظاهرات الشعبية التي طالما زرعت الرعب في نفس الرئيس المخلوع الذي لا يزال يسمي نفسه زعيم اليمن رغم كل مؤامراته التي أصابت الدولة اليمنية في مقتل؟ كيف يمكن لمجموعة خرجت من كهف أن تسيطر على شعب عريق متسامح ذكره الرسول الكريم بأكثر من أربعين حديثا؟ إلى أين يتجه اليمن بعد عيد الأضحى المبارك؟ هناك ثلاثة سيناريوهات ربما يشكل أحدها وجه اليمن الجديد وخارطته السياسية: - الأول أن يصبح الرئيس عبد ربه منصور هادي شعار المرحلة والسيد عبد الملك الحوثي دثار الدولة اليمنية ولن يستطيع الشعار أن يتحرك قيد أنملة دون توجيهات الدثار حتى يتم صبغ وجه اليمن بلون واحد يتمدد في المرافق والهياكل والمؤسسات لتستمر هذه الحالة حتى تستقر الأوضاع وتتنادى الأطراف الإقليمية التي يروقها هذا الوضع لدعم اليمن اقتصاديا مقابل قيام الحوثي بمهمة وقف نشاط تنظيم القاعدة وتجفيف كل منابعه فالحوثيون هم الطرف الوحيد المختلف مذهبيا الذي يمكن للأطراف الدولية والإقليمية التعويل عليه خاصة أن معلومات استخبارية أكدت أن نحو 57 في المائة من المقاتلين في تنظيم القاعدة هم من اليمن "السعيد" أرض المدد وهذا يوضح سبب غض الإدارة الأمريكية الطرف عما يجري بل إنها عرقلت من قبل أي قرار من مجلس الأمن يصف الحوثيين بمعرقلي التسوية السياسية. - الثاني أن تتدخل بعض الأطراف الإقليمية التي تُرعد وتُزبد بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما خالف الحوثي الاتفاق سواء في التورط في حرب مباشرة أو بدعم قوى يمنية لتندلع حرب أهلية طويلة الأمد لا تبقي ولا تذر وربما تصبح حينها العراق وسوريا أحسن حالا من اليمن. - الثالث أن تتقسم أرض السعيدة إلى دولتين أو ثلاث وحينها ستتفتح أسارير أطراف إقليمية ترى بأن اليمن عاد إلى وضعه الطبيعي وأن أحفاد الإمام أحمد يحيى حميد الدين قد استعادوا الدولة التي طالما فُتحت خزائن الذهب في ستينيات القرن الماضي من أجل هزيمة عملاء القومجية في اليمن وهاهي الآن قد عادت والحمد لله!! ولكن من خزائن ودولارات الغير المختلف خاصة أن هذه الأطراف لا تنظر للصراع على أنه بين النواصب والروافض مطلقا وهي محقة في ذلك. وفي ظل هذا الواقع المزري لابد من ذكر شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني رحمه الله حين قال: فظيع جهـل مـا يجـري وأفظـع منـه أن تـدري وهل تدريـن يـا صنعـاء مـن المستعمـر السـري؟ إلى أن قال: لقـد عـادت مـن الآتـي إلـى تاريخهـا الوثـنـي فظيع جهـل مـا يجـري وأفظع منـه أن تـدري