12 سبتمبر 2025

تسجيل

الانتخابات الرئاسية القادمة حيرة الموتى..

07 سبتمبر 2023

تشهد السوشيال ميديا حالة من الغليان بسبب الانتخابات الرئاسية القادمة في مصر. والغليان هنا أعني به النقاش الحاد. هناك الكثيرون يدعون للمقاطعة والكثيرون يدعون للإقبال. للمقاطعة أسباب كثيرة على رأسها أنه لم تشهد مصر انتخابات حقيقية، أو شبه حقيقية، إلا مرة واحدة بعد ثورة يناير 2011. بعد ذلك عادت مصر إلى تاريخها بعد ثورة يوليو 1952، فصارت الانتخابات أشبه بالاستفتاء الذي تذهب فيه الأصوات للرئيس تكاد تصل الى مائة في المائة. كانت وسائل الإعلام تتحدث عن تزوير الانتخابات في العصر الملكي، وأنهم مثلا كانوا يعطون الفقير نصف ورقة العشرة قروش فيدخل اللجنة ويعطي صوته لمن يريدون، وحين يخرج يعطونه النصف الثاني من الورقة المالية يقوم بلصقهما معا، ويستمتع بالعشرة قروش، وما أدراك ما العشرة قروش وقتها. كانت تشتري مائة بيضة في الأربعينيات. تغير الأمر بعد يوليو 1952 وتقدم سعر الصوت فصار مائتي جنيه مع ارتفاع الأسعار! كذلك إثبات أصوات من لا يحضرون، فكنت ترى اللجان فارغة لكن النتائج بالملايين، فتضحك وأنت تعرف أن الملايين كانوا في بيوتهم. وصل الأمر إلى تسجيل أصوات الموتى. لكن الحمد لله لم نقابل أحدا منهم خارجا من اللجنة، وإلا كان قد أُغمي على أعداد هائلة ممن فقدوا آباءهم أو أمهاتهم أو أزواجهم، وهم يقابلونهم خارجين من اللجان الانتخابية عائدين إلى مقابرهم! لو حدث ذلك في الانتخابات القادمة ستحدث مشكلة، لأنه لا مقابر يعود إليها الموتى الآن، فالمقابر يتم هدمها في مناطق كثيرة من أجل بناء الكباري، أو يجد الموتى أن مكانهم الجديد الذي نقلوا إليه بعيد لم يتعودوا على الخروج منه في كل انتخابات سابقة، وليس معهم نظام «جي بي إس» يمشون عليه، وربما ماتوا قبل هذا الاختراع فلا يعرفون بتشغليه. المهم الآن أن البعض يعتبر الانتخابات القادمة نقطة فاصلة ومقاطعتها ضرورة لأنها محكومة سلفا مثل سابقاتها، بينما يرى الآخرون أن الإقبال عليها هو النقطة الفاصلة، ويتمنون أن يكون الإقبال كما حدث في أول انتخابات بعد ثورة يناير، فلا تكون فرصة التزوير متاحة بشكل كبير. حتى الآن لا يوجد مرشحون ظاهرون إلا اثنين هما عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد، الذي يثير سخرية الكثيرين بأحاديثه التي تذكرهم بالمرشح في الانتخابات الرئاسية السابقة موسى مصطفى موسى، الذي رشح نفسه لانتخاب الرئيس المقابل! المرشح الثاني هو أحمد طنطاوي عضو مجلس الشعب السابق الذي بدأ التحرك من أجل بناء جماعات عمل وبدأت آراؤه الشجاعة تتضح للكثيرين، وكلها مما يسعى إليه الناس ويتمنونه في السياسة والاقتصاد وغيره، لكن طبعا حالة اليأس تجعل البعض يشكك في أنه سيكمل الطريق، أو يتساءل كيف لم يتم القبض عليه أو منعه، وهذا ما حدث مع غيره من قبل. أتابع هذا كله ولا أعلق مثلا أن المقاطعة لن تأتي بفائدة لأنهم سيأخذون الموظفين من أعمالهم بالأوتوبيسات ليدلوا بأصواتهم، وسيتكرر ما حدث من قبل في الانتخابات السابقة. أميل إلى عدم المقاطعة. لكن هل يمكن أن يحدث ذلك دون رقابة حقيقية على أعمال اللجان الانتخابية؟ أقصد الرقابة الحقيقية من مؤسسات دولية معروفة بالصدق في الاهتمام بحقوق الإنسان، إلى جانب الرقابة من الداخل. الرقابة من الداخل وحدها ليست كافية. بدون رقابة من الخارج سيعطي الموتى أصواتهم والغائبون عن البلاد، وستكون المشكلة هي حقا كيف يعود الموتى إلى مقابرهم، وسيملؤون الشوارع وسيزيد الغلاء في أسعار المركبات، لأنها لن تكفي الموتى والأحياء!.