26 أكتوبر 2025

تسجيل

مؤتمر الضرار في الشيشان

07 سبتمبر 2016

ألقى "مؤتمر الشيشان" صخرة كبيرة في بركة راكدة من الأفكار والعقائد والأيديولوجيات، لأن العنوان العريض لهذا المؤتمر هو تعريف من هو المسلم تحت عنوان "من هم أهل السنة؟"، وهو سؤال كبير وخطير، وإذا ترك فربما يحدث انشقاقا تاريخيا كبيرا يماثل الانشقاق الذي حدث بين ما يسمى "السنة والشيعة". أريد أن أقرر منذ البداية أنني ضد استخدام مصطلح "السنة"، لأنني لا أعتقد أن هناك مسلما سنيا ومسلما غير سني، فالمسلم هو المسلم، وكل مسلم يقر بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأي شخص لا يقر بالسنة النبوية لا يمكن اعتباره مسلما.مصطلح "سني"، ليس أكثر من مصطلح سياسي، استخدم في إطار الصراعات السياسية التي تم استخدام الدين الإسلامي فيها ببراعة وخبث منقطع النظير، وهو مصطلح لم يستخدمه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولا خليفته أبو بكر الصديق ولا أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب، ولا الخليفة الراشد عثمان بن عفان، رضي الله عنهم أجمعين، فالرسول الكريم قال "تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنة نبيه"، ومن هنا فإن التمسك بأقوال وأفعال الرسول وما أقر عليه أهل بيته، يعتبر جزءا لا يتجزأ من العمود الفقري للإسلام، وما عدا ذلك زيغ وضلال، والأمر لا يحتاج إلى فلسفة ولا تنظير، لأنه واضح وضوح الشمس، وعلى هذا الأساس، فإن كل من ينفي أو ينكر سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو "كافر" لا مراء في ذلك.لن أدخل في لعبة التكفير، فهذا أمر لا يعنيني، وما يعنيني هو ضبط المصطلح، وإلا لأصبحنا مثل اليهود الذين نحوا التوراة جانبا واعتمدوا "التلمود" الذي كتبه أحبارهم، وبالتالي تحولت اليهودية من "التوراة" إلى "التلمود"، ومن موسى عليه السلام إلى الحاخامات، ضلوا وأضلوا وزاغوا عن الطريق وعبدوا العجل، بدل أن يعبدوا الله.مؤتمر الضرار في الشيشان لا يخرج عن هذا المضمار، فقد عمد المشاركون فيه منح أنفسهم حق تعريف "من هو المسلم"، ووضعوا تعريفا يخرج أهل الإسلام من الإسلام، وهو ضلال ما بعده ضلال، وهو أسسوا لحالة تعطينا الحق أن نعيد تعريف من هم المسلم، بنفس المعايير والمقاييس التي استخدموها لنخرجهم من دائرة الإسلام، وهو أمر سهل وميسور، من الناحية النظرية الأكاديمية، ومن الناحية العملية التطبيقية.لعبة "مؤتمر الشيشان" خطرة لأنها تشعل نارا ربما تدوم ألف عام، كما هو الحال بين المسلمين والشيعة، وهي على أي حال "لعبة سياسية" أكثر منها دينية، تندرج في إطار النزاعات القائمة حاليا، بين الفرقاء المختلفين، ولعبة التكفير والإخراج من الملة إذا بدأت فلن تتوقف أبدا، وستتدحرج مثل كرة النار، وستأكل الأخضر واليابس.لن أعود إلى التاريخ وكيف ركب العباسيون "الدعوة الشيعية" من أجل الإطاحة بـ"الدولة الأموية"، ولا كيف بنيت الدولة الأموية إثر صراع للثأر لمقتل عثمان رضي الله عنه، وكيف ركب الأمويون على "مطالبات" استخدمت استخداما سياسيا خطرا من أجل السيطرة على السلطة، وعلى أي حال التاريخ طويل وممتد وفيه الكثير من العبر والنظر أيضا.مؤتمر الضرار في الشيشان، يؤسس لحالة من الصراع المرير الذي سينفجر في لحظة من اللحظات، وأعتقد أن من نظم هذا المؤتمر المشؤوم يعي تماما هذا النهايات، ويعي أن الانفجار العقائدي إن حصل فإنه أشبه ما يكون بالقيامة الصغرى.ردود الفعل على مؤتمر الضرار في الشيشان حتى الآن "ساذجة وتبسيطية"، وهي تماثل ردود الفعل التاريخية التي أدت إلى انتشار التشيع بل وأديان أخرى، وصلت إلى درجة حكم نصف العالم الإسلامي.لابد من اجتثاث مؤتمر الضرار في الشيشان تماما، كما اجتث الرسول صلى الله عليه وسلم معبد الضرار الخاص بالمنافقين والذين أطلقوا عليه اسم "مسجد"، ولولا ذلك لأسس المنافقون بؤرة لتخريب الإسلام والعقيدة الإسلامية، وهو ما ينطبق على "مؤتمر الشيشان" جملة وتفصيلا.