12 سبتمبر 2025
تسجيلإدارة الصراع الداخلي في العراق وسط الأوضاع العراقية المتدهورة قد وصلت لدرجة من العبثية والرثاثة لدرجة أن المشهد السياسي معها يبدو وكأنه قد تحول لمسرح سوريالي!، فاستمرار التدهور الأمني وانفلات الأوضاع قد رسم خطوطا متوحشة على رمال العراق وأفرز واقعا متدنيا وركيكا عبر عن نفسه من خلال استمرار متوالية الفشل السلطوي، فجماهير العراق المنتفضة رغم خفوت حماسها الأولي الكبير لم تزل تخرج أسبوعيا للشوارع لتطالب بتغيير جذري تعلم أنه لن يحدث أبداً في ظل النخبة الطائفية الحاكمة التي تراوح في مكانها والتي تعيش وسط صراعات داخلية بنيوية حادة، فسقف مطالبات الجماهير لم يرتفع عن الحد المرسوم منذ البداية وهو محاربة الفساد واستئصال الفاسدين والمفسدين ومعاقبة قادة ورموز ذلك الفساد العظيم الذي فاحت رياحه لأقصى بقاع الأرض، ولكن استجابة الحكومة لم تصل للمستوى المطلوب وهي أصلا لا تستطيع تجاوز الخطوط المرسومة لها سلفا في محاولات الإصلاح التي هي محاولات ترقيعية بائسة لاترقى لمستوى الطموح الجماهيري؟ فحيدر العبادي وقد تأبط ملفات الإصلاح لايستطيع أبداً إحداث أي تغيير حقيقي على المستوى العام لطبيعة وشكل النظام لكونه جزءا مركزيا من ماكينة ذلك الفساد وتلك السلطة التحاصصية!، وهو لم يكن في منصبه أصلا لولا ذلك التحاصص، ثم إن هنالك حقيقة جوهرية يتجاهلها الكثيرون هي أن الإصلاح بحاجة لأياد تنفذه ولقوات تحميه ولأسلحة تذود عنه وتفرضه فرضا من أجل هدم قلاع الفساد!، وذلك ليس متوفرا بأيادي حيدر العبادي، فالمؤسسة العسكرية العراقية وهي الجيش تعاني من ضعف هيكلي عام وتسرب قاتل في عناصرها، وانهيار مريع في معنوياتها فضلا عن افتقارها الشديد للعقيدة القتالية وسط تداخل الموجات والملفات!،وهي مسألة معقدة،لكون أن من يمتلك إدارة أدوات الصراع الداخلي في العراق اليوم هي تلك القلاع الميليشياوية الطائفية التي خطط لها وأدار ملفاتها وفرضها ميدانيا النظام الإيراني من خلال الحرس الثوري وتحديدا قيادة فيلق القدس بقيادة السردار الإيراني قاسم سليماني الذراع العسكرية الأولى للولي الإيراني الفقيه في العراق وصانع ملوك الطوائف هناك! النظام الإيراني من خلال علاقات التخادم الطائفي استطاع بناء منظومة أمنية وعسكرية عراقية تدين له بالولاء الكامل وهي طوع بنانه ومنتشرة طوليا وعرضيا في الأرض العراقية وقد استغلت أبشع استغلال الأوضاع الاجتماعية المتدهورة وحالة البطالة الشاملة وتفشي الروح الطائفية الظلامية العدوانية في تعزيز وترسيخ وجودها الكياني، وتسلحت بأنواع الأسلحة ذات الصلة بإدارة عمليات الاغتيال وحرب المدن من خلال معسكرات التدريب التابعة للحرس الثوري في إيران، هذه المنظومة هي بمثابة حصان طروادة إيراني متقدم في العمق العراقي، وهي عين المقر بالنسبة للجهد الاستخباري الإيراني وتمتلك إمكانات قلب الأوضاع العراقية رأسا على عقب في حال تحدي الإرادة الإيرانية وما كان لهذه المنظومة أن تنتعش وتزدهر لولا غض الطرف الأمريكي عنها، وصمت ونفاق التحالف الدولي الذي جعل من العراق ساحة لتصفية الحسابات مع الجماعات المتطرفة وحوله لمنطقة قتل اعتبارا من عام 2003 الأمر الذي استغله النظام الإيراني بطريقة محترفة وذكية استطاع من خلالها أن يكون لاحقا اللاعب الإقليمي الأكبر والأول في الساحة العراقية خصوصا وأن الأحزاب الطائفية الحاكمة من الدعوة مرورا بالمجلس الأعلى وليس انتهاء بالتشكيلات التي ظهرت بعد الاحتلال تتميز بمرجعيتها الإيرانية الصرفة وهي لايمكن أن تكون مستقلة وعراقية بحتة،ولعل في الاشتباك الأخير بين القوات الأمنية العراقية وعصابة كتائب حزب الله التي يشرف عليها ويديرها نائب القائد العام للحشد الشعبي أبو مهدي المهندس والتي تسببت بمصرع وأسر جنود عراقيين في قلب بغداد بعد اختطاف عدد من العمال الأتراك دليل حقيقي على سطوة وقوة العصابات الطائفية وضآلة إمكانات الجيش العراقي؟، فهل يمتلك حيدر العبادي وهو نظرياً ودستوريا القائد العام للقوات العراقية المسلحة سلطة حل الميليشيات المسلحة ومعاقبة قادتها من الشقاة والطائفيين؟. الجواب بالنفي المطلق،لكون وضعية الحكومة والنظام بشكل عام وضعية هشة وهي تحت رحمة الميليشيات الأقوى تسلحا والمحمية إيرانيا وتشكل خط أحمر لايستطيع تجاوزه حكام العراق!.. من هنا يتبين بأن تلبية مطالب الجماهير الشعبية أمر مستحيل طالما إن حكومة الميليشيات تخضع بالكامل لإرادة قادة الميليشيات!!؟