20 سبتمبر 2025
تسجيلكيف للمواطن العربي أن يهنأ بالعيد وهو يرى إخوة له يتعرضون للموت بأبشع الطرق وأشنع الوسائل على أيدي حكام فاسدين؟. كيف له أن يَسعَد بالعيد وهو يرى الاضطرابات تجتاح المدن العربية لتجابَه بجميع أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، وممن؟ من قيادات كان الظن بها أن ترعى شعوبها لا أن تقتلهم، وأن توفر لشعوبها الأمن والازدهار لا الرعب والدمار.. أنظمة كانت إلى وقت قريب تتغنى بالحرص على مصالح شعوبها وإذا الأحداث تكشف حجم الخديعة التي كان تمارس ضد هذه الشعوب، من نهب للثروات، ومن فساد في الإدارة، ومن متاجرة صريحة بالمقدرات، ومن تهميش كبير للمواطن، ومن استغلال بشع للقوانين والأنظمة. كيف للمواطن أن يفرح في هذه الأيام المباركة وهو يرى الدماء تسيل في المدن العربية؟.. دماء الأبرياء المختلطة بدموع اليتامى والأرامل والعاجزين عن مجابهة أخطار لا طاقة لهم على احتمالها، بعد أن دُفعوا إليها قسراً بسبب إصرار أولئك الحكام على التمسك بكرسي الحكم، وكأن الدنيا خالدة لهم أو كأنهم مخلدون في هذه الدنيا، وما من دافع سوى النهم الذي لا حدود له، والأطماع التي لا نهاية لها، وكلما زادت ثرواتهم وتضخمت ملياراتهم، قالوا: هل من مزيد؟، وفي سبيل هذا المزيد ترتكب الجرائم، وتنتهك الحرمات، وتستباح المقدسات، ويكون الولاء للأجنبي هو المقياس للبقاء في السلطة، والاستبداد هو ميزان الحفاظ على كرسي الحكم، والاستعباد هو طريق إخضاع الشعوب وقهرها لحد الانفجار. ماذا يمكن أن يسفر عنه الضغط سوى الانفجار الذي يطيح بعروش الظلم، ويجتث جذور الطغيان، ويدمر الأخضر واليابس، ليبدأ بعده البناء على أسس سليمة من العدالة والمساواة، وتوفير الحياة الحرة الكريمة للمواطن، الذي عانى خلال عقود طويلة ما عانى من التضليل، والعزلة عن المشاركة في القرارات المصيرية، ذات العلاقة بحاضره ومستقبله، والعيش في الذل والحرمان، ليتحمل ما لا طاقة له على حمله من القهر والهوان، بينما تتمتع فئة قليلة بخيرات بلاده، لتعيث فساداً في الأرض، وتكون العدو الأساس للمواطن بعد أن كان يظن أن العدو الخارجي هو سبب نكده وشقائه، وإذا هو يكتشف أنه بالعدو الداخلي أشد نكداً وشقاءً، وأن من أراده عونا له صار "فرعونا" عليه، حتى بلغ السيل الزبى، فاهتزت عروش، وانهارت زعامات، وأصبح عزيز الأمس ذليلاً، ليذوق من نفس الكأس التي سقى منها شعبه وبمرارة أشد. في آخر هذ النفق المظلم من الواقع العربي المضطرب، تلوح بوارق الأمل في غد أفضل، يعيد فيه المتنمرون على الأمة حساباتهم، ويدركون حجم أوهامهم، ويعرفون أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، فلا عجب أن ترتعد بعد ذلك فرائص المتآمرين على أوطانهم، والمتاجرين بقضايا شعوبهم، خوفاً مما تخبئه الليالي من مفاجآت تحمل في ثناياها كل أمر عجيب، أو كما قيل: (فالليالي من الزمان حبالى.. مثقلات يلدن كل عجيبة). وسط هذا الربيع العربي المضطرب، احتفل العرب بالعيد، دون يأس، فالأزمات كلما اشتدت.. اقترب انفراجها، ومن كانوا على شاطئ الأمان من العرب في هذ العيد.. يتذكرون أشقاءهم على الضفة الأخرى، الذين يجابهون جبروت حاكم مستبد في سوريا، أو يطاردون فلول كتائب منهارة، ورئيسا هاربا في ليبيا، أو يحاكمون رئيساً ووزراء أفسدتهم السلطة في مصر، أو يطالبون بتنحي رئيسهم عن السلطة في اليمن، ولن يهنأ للشعوب العربية بال، حتى ترحل مظاهرالظلم والاستبداد عن بلادهم، وترحل معها مظاهر التخلف والجهل والمعاناة. [email protected]