15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عبثاً يحاول قادة إيران إنقاذ حليفهم بشار الأسد في دمشق من حتمية التغيير، فهناك ما يشير إلى أن العالم بات أقل تسامحا من ذي قبل بخصوص ما يجري في سوريا، وأي محاولة استنطاق لما يجري مؤخرا ستقودنا إلى نتيجة مفادها أن الدب الروسي بات أميل إلى التخلي عن المقاربة الإيرانية.. إذ أن هناك الكثير من الروس بدأوا يدركون بأن مقاربة إيران قد تهدد مصالحهم في سوريا. والحق أن إصرار نظام طهران على دعم الأسد بكل السبل هو من أنهك الدولة السورية وساهم في تآكل مؤسساتها، وبالنسبة لروسيا فإن مصالحها لا يمكن حمايتها إلا عندما تكون سوريا بلدا موحدا وفيه مؤسسات قوية، أما الإصرار على الحسم العسكري بالرغم من فداحة الخسائر (ناهيك عن استحالة تحققه) فقد يشكل أذى كبيرا لمصالح روسيا في سوريا في قادم الأيام. في الأسبوع الأخير تحولت الدوحة إلى خلية للعمل الدبلوماسي الذي يهدف إلى معالجة الأزمة السورية، وفيها التقى وزير الخارجية جون كيري وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي لمناقشة ملفات شائكة من بينها الملف السوري، والتقى أيضا وزير خارجية السعودية عادل الجبير بنظيريه جون كيري ووزير خارجة روسيا سيرغي لافروف في لقاء ثلاثي لمناقشة الأزمة السورية وإمكانية التوصل إلى حل سياسي لأزمة لم يعد لطرف فيها القدرة على الحسم العسكري. وبالرغم من أن الجولة الدبلوماسية التي شهدتها العاصمة القطرية لم تفض إلى خطة عمل تتفق عليها الأطراف إلا أن الموقف الروسي بدأ يميل إلى حل سياسي للأزمة السورية للحفاظ على المؤسسات لكن دون وجود الأسد، بمعنى أن موسكو باتت أقرب إلى التضحية ببشار الأسد في ترتيب يضمن إنهاء الأزمة وحماية مصالحها في المستقبل، فبعد سنوات من محاولة الروس الفاشلة في إعادة تأهيل نظام الأسد ليكون شريكا في محاربة الإرهاب هناك ما يشير إلى أنها بدأت تدرك بأنه ليس في وسعها تحقيق انتصار في سوريا، وربما الأفضل لها التعاون مع الدول العربية الرئيسية وبخاصة دول الخليج العربي لإنضاح انتقال سياسي يضمن تماسك الدولة. وبالفعل ركز الجانب الخليجي في جولة الدوحة على أن بقاء بشار الأسد وزمرته لن يساعد على التغلب على الإرهابيين بل يفاقم في مشكلة الإرهاب. بدورها لم تتأخر طهران كثيرا إذ أعلنت عن تعديلها للمبادرة الإيرانية لإيجاد حل سلمي في سوريا، فإيران بعد أن أمنت اتفاقا نوويا مع القوى العظمى باتت تدرك أن الحفاظ على وحدة سوريا وإبقاء الأسد على رأس الحكم هما أمران لا يمكن التوفيق بينهما. فبعد انضمام أنقرة للتحالف الدولي وإصرارها على تأمين مصالحها في الشمال السوري تغير المشهد الميداني، فالإيرانيون يعرفون جيدا أنه ما كان ممكنا لأنقرة أن تدخل عسكريا على خط المواجهة وتفتح قواعدها للطائرات الأمريكية لمحاربة داعش فقط، فأردوغان شخصيا استثمر كثيرا في دفاعه عن حق الشعب السوري في التخلص من نظام بشار، وبالتالي فإن إيران تستشعر خطر تدخل تركيا الذي قد يساهم في إضعاف موقف الأسد العسكري ويصعب من مهمة حلفاء الأسد من ميليشيات شيعية جاءت من خارج سوريا وحزب الله الذي بدأ يشعر بالاستنزاف نتيجة ارتفاع كلفة تدخله على خط الأزمة السورية. وبالرغم من أن طهران ممثلة بوكلائها في سوريا هي جزء من الأزمة السورية إلا أن هناك من يرى بأنه يمكن لها أن تكون جزءا من الحل، فإيران التي قدمت الاتفاق النووي وكأنه نصر إيراني معزز بدأت تبعث برسائل إلى الدول الخليجية المجاورة وتسعى لإجراء حوار إستراتيجي شامل مع دول الخليج، واللافت أن تعديل المبادرة الإيرانية ببنودها الأربعة تم بالتشارو مع أنقرة والقاهرة والدوحة. فإيران استنبطت بأن اللاعبين الرئيسيين في السياسة الإقليمية لن يقبلوا بدور إيراني في محاربة الإرهاب المتمثل بداعش وأخواتها إلا إذا تخلت طهران عن سياستها السلبية بسوريا. فالمبادرة الإيرانية لا تخرج عن نطاق جنيف واحد مع أنه من غير الواضح ما هو مكان الأسد في التفكير الإيراني الجديد، فزيارة وليد المعلم الأخيرة إلى طهران تعبر عن خشية نظام الأسد بأن داعميه الرئيسيين (طهران وموسكو) قد يتخليان عنه في إطار ترتيب إقليمي لن يكون لبشار وعائلته مكان به. صحيح أن إيران قد تلجأ إلى تضليل إستراتيجي ومناورات بائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من نظام الأسد، لكن الصحيح أيضا أن الوضع الإستراتيجي داخل سوريا والمتمثل بتدخل أنقرة والانتصارات المتتالية للمعارضة التي ضيقت الخناق على بشار وميليشياته قد يطرح أسئلة من الصعب على طهران الإجابة لها، لذلك هناك حاجة للإبقاء على الضغط العسكري على نظام بشار ومحاولة تحسين مبادرة إيران لكي يكون مكان بشار وعائلته واضح لا يقبل إلا تفسيرا واحدا: أنه لا مكان للأسد في سوريا. وفي ضوء ما ذكر يمكن القول إن هناك ما يمكن التأسيس عليه لنظام إقليمي جديد، فقطار التغيير قد انطلق ولا يبدو أن محور الأسد في وضع يمكن له تحقيق الانتصار أو وضع حد للهزائم والانتكاسات المتتالية. ومع ذلك هناك تيار واسع من بين المتابعين يرى بأن طهران لا تتصرف بنية حسنة وأنها ستقاتل بالأسد حتى آخر قطرة!