16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في اللوحة التي رسمها الفنان الفرنسي "ريو" لافتتاح قناة السويس (20 من نوفمبر 1869م) تظهر سيدة امتزج في عروقها الدم الغرناطي، ذو الأصول العربية، بالدم الأسكتلندي. ولدت في إسبانيا، وحكمت فرنسا، إنها "أوجيني دي مونتيجو" أو"الإمبراطورة أوجيني" زوجة "نابليون الثالث" التي كان وجودها محور اهتمام "الخديوي إسماعيل". وفي "حمى" اهتمام "إسماعيل" بكل ما يخصها لم ينس أن يهيئ "قصر الجزيرة" لإقامة "إمبراطورة قلبه". هذا القصر أصبح اليوم جزءاً من أحد فنادق القاهرة الشهيرة على النيل، ومازال الفندق يفاخر بقاعة "أوجيني" التي يبدو أن مقار إقامتها قدر لها أن تتحول إلى فنادق، فقد أقام لها زوجها "نابليون الثالث" قصراً للمصيف في بياريتز عام 1855، بعد ثلاث سنوات من زواجهما، وهو قصر قدر لـ"أوجيني" بعد سقوط الإمبراطورية وفقدانها لأملاكها أن تعيش حتى يتحول إلى كازينو ثم إلى فندق في 1893، ويحترق ثم يعاد بناؤه مع جناح جديد في 1903، ثم يتحول خلال الحرب العالمية الأولى إلى مركز لعلاج الجرحى، قبل أن يعود إلى هويته التي يحتفظ بها إلى اليوم كأحد الفنادق المعروفة. ولا ندري إن كانت "أوجيني" مرت على الفندق، الذي كان قصرها، واقفة أمام أطلال الأيام الخوالي، لكننا نعرف أنها زارت مصر عام 1904 ونزلت ضيفة مجهولة في فندق "سافواي" في بورسعيد تجتر ذكريات الاستقبال الحافل الذي استقبلها به إسماعيل عند افتتاح القناة الأسطوري، الذي لم تتمالك نفسها إزاءه، لترسل إلى زوجها برقية تقول:"استقبال ساحر، لم أر في حياتي مثل ذلك". كانت أوجيني ـ في زيارتها الثانية لمصر ـ عجوزاً وحيدة، فقدت إمبراطوريتها، وفقدت زوجها بالموت، وما أكبر الفرق بين وقفة "أوجيني" على ظهر سفينتها في مرسى بورسعيد مختالة تكاد أن تلامس السحب، ووقفتها على رصيف مجدها نفسه بائسة وحيدة "بلا مستقبلين وياسمين" في زيارتها الثانية والأخيرة لمصر ولبورسعيد قبل أن تقضي نحبها في المكان الذي ولدت فيه "غرناطة" عام 1920، بعد حياة حافلة بمجد كبير وبؤس قاس، امتدت 96 عاماً (1824 ـ 1920). وحسبك أنها عادت إلى فرنسا عام 1914 واستأجرت بيتا أمام قصر "التويلري"، الذي عاشت فيه وهي إمبراطورة أجمل سنوات حياتها، لتقيم في البيت وحيدة، وفي إحدى زياراتها إلى قصرها ـ الذي أصبحت حدائقه مزاراً عاماً ـ جلست ذات مساء على مقعد في الحديقة فأخذتها سنة من النوم، ولم تصح إلا على صوت أحد الحراس وهو يهز كتفها قائلاً: "هيا أيتها العجوز فقد حانت ساعة إقفال الأبواب". لم يعرفها الحارس، ولا هي اهتمت بأن تقول له "قد كنت مليكة هذا القصر" مكتفية بابتسامة شاحبة وهزة رأس تتردد بين الشكر والعتاب، وهي تغادر "ما كان قصرها" إلى "ما أصبح بيتها".