12 سبتمبر 2025

تسجيل

إكرام الميت دفنه

07 أغسطس 2015

يقول المثل الشعبي "الضرب في الميت حرام"، وهذا المثل ينطبق تماماً على جامعة الدول العربية، فهذه الجامعة "لا تهش ولا تنش"، و"هي وقلتها واحد"، فهي لا تنفع "لا في السدة ولا في الردة"، وهي من لزوميات "الكوميديا السوداء السائدة على امتداد الوطن العربي، فهذه الجامعة ليس لها من اسمهما نصيب "فلا هي جامعة ولا ما يحزنون"، بل كانت دائما "مفرقة"، ولم يسجل لهذه الجامعة أي إنجاز يذكر، فهي لم تكن يوما إلا "شاهد زور" أو شاهد ما شفش حاجة". هذه الجامعة أو بالأحرى "المفرقة" لعبت طوال تاريخها، بل منذ تأسيسها دورا سلبيا في كل القضايا العربية، لكن سلبيتها زادت منذ اندلاع الربيع العربي وسعي الشعوب العربية إلى الحرية والكرامة والعدالة، وكانت دائما صفا واحدا مع "بعض الأنظمة" ضد إرادة الشعوب وضد الدول التي دعمت الربيع العربي. آخر خطايا هذه الجامعة العربية هو تكريس الديكتاتورية والتفرد في اتخاذ القرارات مثل بيان الأمين العام لهذه الجامعة الدكتور نبيل العربي ضد تركيا التي تتعرض لهجمة إرهابية مزدوجة من حزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة الإسلامية، ويكفي أنها تعرضت خلال النصف الأول من هذا العام إلى أكثر من 2000 هجوم دون أن يكترث الإعلام لهذا العدد الكبير من الهجمات. بيان نبيل العربي صدر بدون تشاور، كأن الجامعة العربية "عزبة" يستطيع مالكها أن يصدر ما يشاء دون حسيب أو رقيب، وقد عبر العربي في بيانه عن "استنكار جامعة الدول العربية للقصف التركي على مناطق شمال جمهورية العراق، وطالب تركيا باحترام سيادة العراق على كامل أراضيه، وبالالتزام بمبادئ حسن الجوار وبالاتفاقات الموّقعة بين العراق وتركيا، وعدم التصعيد واللجوء إلى التفاهم بين البلدين للتعاون من أجل معالجة كافة الأمور المتعلقة بالحفاظ على أمن واستقرار الدولتين.. داعياً إلى تكثيف التنسيق البيني والتعاون الثنائي من أجل مواجهة التحديات الجسام، التي تمر بها المنطقة والقضاء على الإرهاب والتهديدات العابرة للحدود وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطق". السؤال الكبير هو: لماذا تسمح حكومة بغداد وحكومة آربيل لحزب العمال الكردستاني باستخدام الأراضي العراقية "كردستان" كمنطلق لشن الهجمات الإرهابية ضد تركيا، ألا يعتبر هذا الأمر اعتداء على السيادة التركية؟ ولماذا لم تعمل حكومتا بغداد وآربيل على طرد مقاتلي الحزب من أراضيهم؟ كان ينبغي منع استخدام الأراضي العراقية "كردستان" منصة للاعتداء على حياة المواطنين الأتراك والأراضي التركية. ولكن إذا كان الشيء بالشيء يذكر، لماذا تصمت الجامعة العربية ورئيسها على الاعتداءات الإيرانية في العراق وسوريا واليمن، ولماذا لا تتحرك هذه الجامعة وأمينها العام لتحرير العراق وسوريا ولبنان من الاحتلال الإيراني المباشر؟ ولماذا تقبل أن يكون هذه الدول ومعها اليمن ساحة تلعب فيها إيران أن تعمل شيئا عمليا؟ وإذا كان الأمر يتعلق بانتهاك سيادة الدول، فلماذا تصمت الجامعة العربية عن انتهاك النظام المصري وحلفائه على الأراضي الليبية والشعب الليبي، وهذا النظام يرسل الطائرات والدعم لخليفة حفتر؟ ولماذا تسكت على انتهاك سيادة اليمن من الطائرات الأمريكية بدون طيار، ولماذا تسكت على انتهاك سيادة الصومال من إثيوبيا وأمريكا؟ وكما قال وزير الخارجية القطري عبد الله بن حمد العطية: "جامعة الدول العربية لم تشكر تركيا على استضافتها للاجئين السوريين، رغم أنها قضية عربية بالدرجة الأولى". فهؤلاء اللاجئين لا تراهم جامعة نبيل العربي، وبالطبع لا تشعر أن هناك 5 مليارات دولار دفعتها تركيا لإيواء مليوني لاجئ دون أن "تشحذ" عليهم، وهذه المليارات دفعت من أموال الشعب التركي.. من حق تركيا "إنشاء منطقة عازلة شمال سوريا، لحماية الأمن القومي التركي من المجموعات الإرهابية، وتأمين السوريين على الحدود ليستطيعوا العودة إلى أراضيهم". وهو حق لكل دولة تتعرض للخطر، وكما قالت وزارة الخارجية القطرية في بيانها الواضح أن من "حق تركيا في الدفاع عن نفسها، والقضاء على مصدر التهديد، من أي جهة أتى، وذلك بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تعطي الدول بشكل منفرد أو جماعي، حق الدفاع عن النفس في مواجهة الهجمات المسلحة، وذلك بعدما أكدت الهجمات الأخيرة على الحدود وفي "سوروج" وفي الداخل التركي، مدى وقوع تركيا تحت تهديد التنظيمات الإرهابية، وضرورة تحركها فورا لإزالة هذا التهديد، خصوصا بعدما أدت ممارسات النظام السوري الوحشية إلى تمدد هذه التنظيمات وتنامي دورها، بحيث باتت تشكل خطرا على الأمن والسلم الدوليين، معتبراً بيان الأمين العام إنكارا لهذا الحق. من غير المنطقي ولا المقبول ولا المعقول أن يصدر نبيل العربي بيانا باسم "جامعة الدول العربية" بدون تشاور، وأن تعلم بعض الدول العربية بالبيان من وسائل الإعلام ونشرات الأخبار" فهذه الجامعة ليست ملكية خاصة و"عزبة"، وهناك أعراف وأصول ينبغي اتباعها والعمل بها وأولها التشاور بالطبع. وكما قالت فإن "الضرب في الميت حرام"، وكما يقال فإن إكرام الميت دفنه قبل ما تطلع ريحته"..