04 نوفمبر 2025
تسجيلتعددت التصنيفات و الآراء التي تحاول تقييم شكل و طبيعة القيادة التي يمثلها رئيس الحكومة العراقية المنتهية صلاحيتها نوري المالكي، فالبعض قد أخذه الإيغال في التحليل بعيدا ليصف المالكي بكونه يعبر عن مشروع ثأر طائفي تاريخي!!، بينما الحقيقة تنافي ذلك رغم كثرة تصريحاته و مقارناته حول ( الحسين و يزيد) وغيرها من المصطلحات الشائعة في أدبيات الأحزاب الطائفية الرجعية التي تعتمد تفسيرا رجعيا متخلفا للتاريخ يظل محكوما بالأسطورة و الروايات النقلية غير الدقيقة،و تعويض الإفلاس الفكري و المنهجي و الأيديولوجي و الهروب و التخفي خلف شعارات المظلومية التاريخية و المضغ بالروايات و استدرار عطف البسطاء و البؤساء و المحرومين. السياسة التي اتبعها نوري المالكي في إدارته الفجة و الفاشلة للعراق طيلة ثمانية أعوام عجاف لا تعبر فقط عن سياسة طائفية ضيقة الأفق رجعية المنطلقات تنطلق من ثأر تاريخي لمظلومية الإمام الحسين "رضي الله عنه" من الجموع التي قتلته!؟ و لكن السؤال الكبير القائم بقوة : أين هي تلكم الجموع التي قتلت الإمام و أهل بيته؟ وهل بقي منهم أحد؟ و سيأتيك الجواب من الأوساط الطائفية بالقول إن القتلة هم كل من يخالف سياسات و مناهج الأحزاب الطائفية بمرجعياتها الإيرانية!!، أي أن من يخالف حزب الدعوة والمجلس الأعلى وبقية الربع من جماعة وعصابات الولي الفقيه سيصنف على الفور بأنه من جماعة ( يزيد)!! في استحضار فظ لحلقات الماضي التي انتهت أيامها، نوري المالكي وهو يقود العراق بعقلية رجعية شوفينية متخلفة و بأسلوب خبيث من الولاء الإيراني السري والذي ورط العراق وشعبه في مصائب النظام الإيراني التحالفية لا يأخذ ثأرا من أحد، بقدر ما يحاول بناء قاعدة حكم تسلطية استبدادية تحت غطاء الديمقراطية الرثة تتجاوز كل المحظورات و تؤسس لقيام دولة طائفية قمعية في العراق تقمع الشيعة المخالفين قبل السنة، رغم أن للمالكي أنصاراً و محازبين و محاربين أشداء بين صفوف بعض أبناء السنة في العراق معتمدا على البذل المالي السخي و شراء الذمم، ورغم حديث نوري المالكي الدائم عن الهوية الشيعية إلا أنه في نهاية المطاف لم يقدم أي خدمات حقيقية للرفع من مستوى أبناء الشيعة أو لتطوير و تحديث مدنهم و تجمعاتهم، بل كان همه الدائم خدمة المقربين منه و العاملين تحت أمرته و المسبحين بحمده من أي الطوائف كانوا، وهذه سمة الدكتاتور عبر العصور و الأزمان، لقد ألصقوا مثلا بالرئيس العراقي السابق تهمة الطائفية و التحيز ضد الشيعة!! وذلك الاتهام لم يكن دقيقا ولا معبرا عن واقع الحال!، فصدام كان يبطش بكل من يفكر خارج إطار المنهج الذي رسمه، وكان يدمر و يعدم كل مخالف له ولسياسته بصرف النظر عن أصله و معتقده و طائفته، وقد قتل الكثير من المقربين منه بل من عائلته أيضا كما فعل مع الصهرين اللذين كانا حسين وصدام كامل و أبيهما و أمهما و أشقائهما أيضا!! ثم أن آخر قيادي بعثي بقي حتى دخول الأمريكان لبغداد كان الوزير الشيعي محمد سعيد الصحاف!، كما أن أبرز رجاله القمعيين كان الشيعي ورئيس الوزراء محمد حمزة الزبيدي! و أبرز معاونيه رئيس الوزراء الآخر سعدون حمادي!! وكبار ضباط جيشه من الشيعة أيضا!! وجيش القدس كان مؤلفا من ملايين الشيعة؟ إذن عن أي طائفية يتحدثون؟.. نوري المالكي بعد أن انتقل من العدم وحياة الكفاف في دمشق و من تحت إبط المخابرات السورية لحياة مفاجئة أخرى كانت أكبر من أي طفرة وراثية لعبت الصدفة التاريخية المحضة وحالة الفراغ القيادي العراقي دورا كبيرا بها، لم يشأ أن يترك الفرصة التاريخية تفلت من بين يديه ( اغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب )! لذلك فقد كان هدفه الرئيس الاستمرار بالسلطة بكل الوسائل و أهمها الخديعة و الكذب و التنصل من الوعود وممارسة أقصى درجات المراوغة و التحايل بل وخلق وفبركة الملفات و إثارة الأزمات و ضرب المعارضين بعضهم ببعض و بناء القواعد الأمنية و الاستخبارية الخاصة وتكوين دولة سرية تكون موازية للدولة الظاهرية الهشة وهو ما حصل فعلا و أورد العراق موارد الردى و الهلاك، نوري المالكي اليوم بعد أن وضع العراق على خطة التقسيم و التشظي سيدفع ثمنا باهظا لمغامراته و أساليبه و فشله الرهيب، وهو نفس الثمن الذي دفعه كل المستبدين في تاريخ العراق الطويل و الدموي... لقد أثبت المالكي بكونه المعبر الأكبر عن الغباء السلطوي التاريخي.. وعندما يرفض المهزوم الاعتراف بهزيمته فتلك كارثة عظمى!.