12 سبتمبر 2025
تسجيل* رغم أننا لا نعلم في الحقيقة مدى صدق حب الشاعر الأعمى بشار بن برد لمحبوبته "عبدة" لأنه شَبَّب بغيرها من النساء، فإننا سنقف في العجالة عند أشعاره التي قالها في ملهمته عبدة. ويروي بشار في قصة معرفته لعبدة فيقول: كان بعض النساء يحضرن مجلسي، إذ سمعت كلام عبدة فعشقتها، فدعوت غلامي وقلت له: إني قد عُلِّقتُ امرأة، فإذا تَكلَّمت عرفتك، وانظر من هي فاعرفها، فإذا انقضى المجلس وانصرف أهله فاتبعها وكلمها وأعلمها أنني محب لها، وأنشدها هذه الأبيات، وعرفها أنني قلتها فيها:قالوا بِمَنْ لا تَرَى تَهذي فقلتُ لهمالأُذْنُ كالعَينِ تُوفي القَلبَ ما كاناما كنتُ أَوَّلَ مَشغوفٍ بجاريةٍيَلقَى بلقيانها رَوْحاً ورَيحانايا قَومُ أُذني لبعض الحَيِّ عاشِقَةٌوالأُذْنُ تَعْشَقُ قبلَ العَينِ أَحيانا * وقال بشار بن برد رداً على عُذَّاله في محبوبته عبدة:يُزَهِّدني في حُبِّ عَبْدَةَ مَعْشَرٌقلوبُهُم فيها مخالفةٌ قلبيفقلتُ دَعُوا قلبي وما اختارَ وارْتَضَىفبالقلبِ لا بالعَينِ يُبصر ذُو الحُبِّفما تُبصرُ العينانِ في مَوضِعِ الهَوَىولا تَسْمَعُ الأُذْنانِ إلاَّ من القَلبِ * ومن جميع شعر بشار بن برد في ملهمته ومحبوبته عبدة هذه الأبيات:لم يَطُلْ ليلي ولكن لم أَنَمْونَفَى عَنِّي الكَرَى طَيْفٌ أَلَمْرَوِّحي يا عَبْدَ عنِّي واعلميأَنَّني يا عَبْدَ من لَحمٍ وَدَمْوإذا قلتُ لها جُودي لناخَرَجَتْ بالصَّمتِ عن لا وَنَعَمْإِنَّ في بُردَيَّ جَسماً ناحلاًلو تَوَكَّأْتِ عليهِ لانْهَدَمْخَتَمَ الحُبُّ لها في عُنُقيمَوْضِعَ الخاتَمِ من أَهلِ الذِّمَمْ * وهو القائل في عبدة كذلك:أَلا طَرَدَا الهَوَى عَنِّي رُقاديفَحسبي ما لَقيتُ من السُّهادِلِعَبْدةَ إنَّ عَبْدَةَ تَيَّمَتْنيوَحَلَّتْ من فؤادي في السَّوَادِ* وكان بشار بن برد عظيم الخلق مجدوراً طويلاً، جاحظ الحدقتين، وكان أصبح الناس عمىً، وأفظعهم منظراً، قالت له امرأته ذات يوم: يا أبا معاذ ما أدري لما يُهابك الناس مع قبح وجهك؟!فأجابها بشار: ليس من حسنه يهاب الأسد.وسلامتكم...