16 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ وصول الرئيس محمد مرسي إلى سدة الحكم في منتصف عام 2012، ولا ينفك الرجل في تقديم مبادرات الحوار مع المعارضة التي ترفضها باستمرار على أمل سقوطه وفق المخططات التي يحاولون تنفيذها بالتعاون مع فلول النظام السابق وقوى داخلية وخارجية. فمنذ اللحظة الأولى لدخوله القصر الجمهوري، دعا الرئيس مرسي قوى المعارضة إلى الحوار حول قضايا الوطن وكيفية مواجهة التحديات وتحقيق أهداف الثورة. لكن الرفض كان هو الرد على هذه الدعوة، وذلك بسبب تيقن قادة المعارضة أن الرئيس لن يستمر في منصبه لأكثر من شهرين. وحاولت المعارضة استغلال المشاكل الحياتية التي يعاني منها الشعب المصري للتأكيد على فشل الرئيس في تحقيق أهداف الثورة التي قام بها الشعب، داعية إلى تشكيل مجلس مدني رئاسي لا يضم أيا من قادة التيار الإسلامي، وبالطبع لا يضم الرئيس المنتخب من الشعب. وحتى حينما تصاعدت بعض المشكلات، سواء الداخلية أو الخارجية، ودعا الرئيس أحزاب المعارضة لاجتماعات للتشاور حول كيفية مواجهتها من باب المشاركة السياسية والمجتمعية لكل أطياف المجتمع في عملية صنع القرار، إذا بالمعارضة ترفض حضور هذه الاجتماعات. حدث هذا خلال أزمة خطف الجنود في سيناء حينما دعا الرئيس مرسي قادة المعارضة لاجتماع للتشاور حول كيفية حل الأزمة، إلا أنهم رفضوا الاجتماع مع تحميله المسؤولية كاملة عن هذا الأمر، حتى إن أحدهم وهو الدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي، أكد في حديث تلفزيوني أنه لا يريد الذهاب إلى اجتماع الرئيس لأنه لا يريد أن يتحمل تبعات القرارات التي يمكن اتخاذها لمواجهة الأزمة. وتكرر هذا الأمر في أزمة سد النهضة الإثيوبي حينما دعا الرئيس قادة المعارضة للاجتماع من أجل التباحث في كيفية مواجهة هذه الأزمة والآثار المترتبة عليها بالنسبة لحقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل. فقد رفضوا الحضور بعد أن وافق بعضهم على ذلك، رغم الضجة التي أثاروها حول تهاون الرئيس والحكومة في الرد على الخطوة الإثيوبية بتحويل مجرى النيل الأزرق، حتى إن بعضهم طالب باستخدام القوة المسلحة لضرب السد دون اهتمام بالعواقب التي يمكن أن تترتب على ذلك. مواقف المعارضة هذه تدل على أن معارضة الرئيس مرسي ليست بسبب سياساته التي يدعون أنها فاشلة وزادت مشاكل المصريين وأدت إلى بذر بذور الفرقة بينهم. وهنا يمكن التأكيد على أن سعي الرئيس المستمر لدعوة المعارضة للحوار حول قضايا الوطن قد أثمر العديد من النتائج الإيجابية لعل أهمها نزع الجزء الأكبر من الشرعية عن هذه المعارضة التي بدت أمام الشعب وكأنها تعارض من أجل المعارضة تحقيقا لمصالحها الشخصية. كما استطاع أن يستميل جزءا من هذه المعارضة التي استشعرت صدق الرئيس في سعيه لإشراكها في عملية صنع القرار خاصة في القضايا الكبرى التي تخص الأمن القومي المصري كأزمة سد إثيوبيا واختطاف الجنود في سيناء. إن وجود بعض المعارضين اليوم في لقاء الرئيس هو مكسب يجب تعظيمه بمرور الوقت من خلال دعم التواصل معهم ومحاولة التواصل مع معارضين آخرين من خلال استمرار المبادرة بدعوتهم للتحاور والتشاور حول قضايا الوطن المستجدة. وليكن ذلك بداية لتحقيق توافق وطني يقلل من حالة التشرذم المستمرة منذ نجاح الثورة وحتى الآن. فتحقيق هذا التوافق الوطني سوف يساعد كثيرا في الإسراع بمشروع بناء مصر الجديدة القائم على أسس الديمقراطية، ويقلل من العقبات الموجودة حاليا، خاصة ما يتعلق منها بمواجهة الفساد المستشرى في كل أنحاء البلاد والذي تزداد قوته مع استمرار حالة التشرذم تلك.