11 سبتمبر 2025

تسجيل

بحوث وتطوير .. أم نقل تكنولوجيا؟

07 مايو 2018

لا تختلف الدول سواء كانت متقدمة أم نامية في شأن أن التقدم العلمي والتقني هو السبيل الوحيد إلى اقتصاد مزدهر ونماء فردي واجتماعي متواصل. لكن ما تختلف فيه هو مضمون وأولويات خطط التنمية وسبل تحقيقها. نرى أن الدول المتقدمة تسعى من خلال تطوير العلوم والصناعة إلى:  ضمان مواقعها المتقدمة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وتحرص الدول العظمى، تحديداً، على امتلاك المواقع الطليعية في كافة فروع العلم والصناعة. إلى جانب    استدامة وتوسيع نفوذها، ورفع القدرة التنافسية لمنتجاتها في الأسواق العالمية. وأيضا     توسيع الفجوة بينها وبين الدول النامية. وهذا يضمن بقاء الأخيرة كمورد رخيص للمواد الأولية وسوق للمنتجات. وتسعى  تلك الدول إلى تحقيق هذه الأهداف من خلال:  دعم البحوث النظرية والاكتشافات العلمية لتحقيق أكبر تراكم معرفي ممكن. وتضطلع المؤسسات الأكاديمية، بشكل خاص، بتحصيل المعرفة وإنتاج المزيد منها. فضلا عن تطوير المناهج التعليمية والارتقاء بمستوى الخريجين الجامعيين ودمجهم في برامج البحوث والتطوير في فترات مبكرة بحيث يكون البحث العلمي جزءاً من المناهج المدرسية والجامعية، وأسلوب حياة بعد التخرج. واستقطاب الكفاءات العلمية العالية من الدول الأخرى. علاوة على     دعم البحوث التطبيقية والصناعية، وتسريع عملية الاستفادة منها. وتعتبر حقول الطب والزراعة والتقنيات الراقية هي الأكثر استقطاباً للاستثمارات الحكومية والخاصة في الوقت الحاضر. وإقامة الشراكات البحثية والاستثمارية العابرة للمؤسسات والبلدان على أسس المنفعة المتبادلة. بالمقابل، تسعى الدول النامية من خلال برامجها التنموية إلى:  تلبية الحد الأدنى من الاستقلال والاكتفاء الذاتي في المجالات الضرورية مثل الغذاء والصحة والتعليم والبنى التحتية الأساسية. وتحقيق متطلبات الأمن القومي. إضافة إلى  تضييق الفجوة بينها وبين الدول المتقدمة في مستوى حياة الأفراد وفاعلية أداء المؤسسات وغيرها من مؤشرات النمو والتطور. وترى هذه البلدان أن سبيلها لتحقيق أهداف التنمية يمكن في:  تأهيل الكفاءات الوطنية العلمية والفنية وفق مستويات تواكب ولو الحد الأدنى من متطلبات العصر. وأيضا الانتقال، ما أمكن، من مصاف الدول النامية إلى المتقدمة، ولو في بعض المجالات. منها: نقل التقنيات المعاصرة والمعرفة الفنية اللازمة لأقلمتها وتشغيلها وفقاً للظروف المحلية، أي توطين التكنولوجيا. علاوة على بناء القدرات الذاتية في البحوث والتطوير لتحقيق ما أمكن من الاستقلال عن الدول الأكثر تقدماً.  يتضح من خلال بعض المناقشات والطروحات، وكذلك السلوك التنموي لبعض المؤسسات، أن هناك نوعا من الخلط بين البحوث والتطوير من جهة، واستقدام التكنولوجيا من جهة أخرى، أو هناك من يرى في الأمر الثاني ما يغني عن الأول. من خلال القراءة المتمعنة للأدبيات التنموية الوطنية والمؤسسية في دولة قطر، يتضح أن هناك شرحاً لكل من البنود الأربعة الواردة أعلاه وأسس وكيفية التكامل بينها بصورة لا تترك مجالاً للخلط أو الاستعاضة بشيء عن الآخر. فمن حيث المبدأ، لا يمكن تصور أي عملية تنموية من دون عنصرها الأساسي وجوهرها، ألا وهو العنصر البشري. إن صياغة البرامج التنموية بدون دعمها بالكادر المؤهل يبقيها عصية على التنفيذ، تماماً مثلما أن تأهيل الكوادر دون رؤية واضحة لاستيعابها ضمن البرامج التنموية يحولها إلى أفواج من العاطلين عن العمل"يتبع".