14 سبتمبر 2025

تسجيل

اليمن وقطة شرودنغر

07 مايو 2015

أبرز قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه علي عبد الله صالح أعلنوا في بيان أصدروه في الرياض ممهورا بتوقيع أحمد عبيد بن دغر النائب الأول للرئيس المخلوع تأييدهم لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي و دعوا الحوثيين إلى سحب ميليشياتهم من كل المناطق التي سيطروا عليها وتسليم أسلحتهم وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 وأكد البيان التزام الحزب بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ونتائج مؤتمر الحوار الوطني. لكن البيان لم يتطرق من قريب أو بعيد لوضع رئيس الحزب ولا إلى مستقبله في المشهد السياسي مع أنه سبب كل الخراب والقتل الذي تفشى في أرجاء البلاد، وهي خطوة نظر إليها كثيرون على أنها لعبة جديدة ممن وصف نفسه بالراقص فوق رؤوس الثعابين لتخفيف الضغط عنه حيث أنه أصبح يتنقل من سرداب إلى آخر، ولا يوجد من ينفذ آخر مراوغاته وتأمين نجاته سوى رجالاته الذي آمنوا بشرعية هادي ثم كفروا واصطفوا مع الانقلابيين الحوثيين، ثم آمنوا عندما علموا أن التظاهر بالإيمان هذه المرة ينجي من الغرق المحتم . اليمنيون مثقلون بالألم وبضنك العيش ومثقلون أيضا بفساد النخبة السياسية ، وهنا يطرحون أسئلة تؤرق حتى التلاميذ الذين دمرت مليشيات الحوثي وقوات المخلوع مدارسهم ومنازلهم معا، ومن هذه الأسئلة : متى سيوقف المخلوع وحلفاؤه سياسة هدم المدن على رؤوس أصحابها ؟ هل المقاومة الشعبية قادرة لوحدها على فرض واقع جديد على الأرض في ظل شح التموين وضعف التسليح ؟ لماذا تأخرت عمليات قوات التحالف البرية ؟ إلى أي مدى يمكن لحوار الأطراف اليمنية في الرياض باستثناء الحوثيين تقديم حلول ناجعة للأزمة ؟ هل ستطوي العاصمة السعودية صفحة صالح بعد أن كانت ملجأه وعيادة للتجميل والترميم ؟ تواصل مليشيات الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع قتل اليمنيين ودك المدن بكل أنواع الأسلحة،وزيادة المآسي والآلام في كل بيت من خلال خلق أزمات خانقة في الغذاء والدواء والمشتقات النفطية لتوسيع نطاق الكارثة واستغلالها ميدانيا لزيادة الضغوط الأخلاقية على قوات التحالف وعمليةإعادة الأمل لتفسح المجال لجهود الإغاثة الإنسانية وبالتالي يتوقف الطيران عن قصف التعزيزات و التحركات العسكرية باتجاه الجبهات الآيلة للسقوط بيد قوات المقاومة الشعبية في عدن وتعز وشبوة ومأرب ، وفي المقابل لا يرى الرئيس المخلوع غضاضة في أن يحج عدد كبير من قيادات حزبه إلى الرياض ويؤدوا فروض الولاء والطاعة مقابل أن يكون حزب المؤتمر طرفا أساسيا وقويا في أي اتفاق ، ولا بأس من الغوص في تفاصيل جانبية وإطالة أمد الحوار لكسب الوقت حتى يتغير الواقع على الأرض وساعتها لكل حدث حديث. طالما وقد أصبح تقرير مصير السلطة في اليمن استحقاقا خالصا لعملية إعادة الأمل ، فإن النقاط التي يجب التركيز عليها لكي يعود الأمن و الاستقرار تتمثل في :* تحديد موقف واضح لا لبس فيه من الرئيس المخلوع ومستقبله ومستقبل عائلته السياسي وإعلان هذا الموقف أمام كل الأطراف المشاركة في حوار الرياض لأنه لا تزال هناك دول تدفع باتجاه مقايضة اعتزال صالح العمل السياسي مقابل بقاء نجله أحمد في المشهد اليمني .* تطبيق نتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل دون انتقائية وخاصة اعتماد تقسيم البلاد إلى ستة أقاليم والبدء بتنفيذ ذلك فورا .* عدم تدوير النفايات السياسية بل عزل كل قيادات الصف الأول والثاني سواء كانت حزبية أو عسكرية ومنعها من مزاولة أي عمل عسكري أو سياسي .* نزع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وتجريم حمل السلاح والاتجار به .* إدماج كل عناصر المقاومة الشعبية في المؤسسة العسكرية والأمنية لكي لا تشهد البلاد جماعات مسلحة جديدة تهدد الأمن والاستقرار .لا يمكن أن تجد هذه النقاط طريقها إلى التطبيق مالم يتحقق الآتي على الأرض :* إقامة معسكرات مؤيدة للشرعية تستوعب الجنود والضباط الذين يقررون التخلي عن القتال في صفوف قوات الرئيس المخلوع .* تزويد القوات الموالية للشرعية بأسلحة نوعية حتى تتمكن من السيطرة على مواقع حيوية في العمق الساحلي لأنه لايمكن التفكير في الإنزال البري لقوات التحالف في العمق الجبلي أو الصحراوي قبل تحصين المواقع على سواحل عدن .* انتقال عملية إعادة الأمل من القصف بالطيران إلى إنزال قوات برية لقلب المعادلة لأنه بدون استسلام القوى الانقلابية فلن يكون للحوار أي معنى لأن هذه القوى ما تزال تعيش وهم الانتصار الذي يجعلها غير معنية بأي اتفاقات موقعة سواء كانت في الرياض أو في مكة المكرمة .لا أحد من اليمنيين يصفق للحرب لكنها بالتأكيد فرضت عليهم وهذا ما جعل لسان حالهم يقول : عندما يضرب أخوك عرض الحائط بكل حقوق الأخوة ويقطع أواصر صلة الرحم ويتحول إلى كابوس يهدد حياتك وحياة أولادك وأهلك ، لا شك أنك ستفرح عندما يتصدى لحماقاته جارك القريب وسترحب أيضا بأي قوة توقفه عن غيه وبطشه، لذلك لا يجد أغلب اليمنيين غضاضة في أن يرحبوا بأي قوة برية لا سيما إن كانت عربية وإسلامية تعيد الأمن والاستقرار وتردع الطائفة الباغية لكي لا تبقى اليمن قطة شرودنجر لا هي حية ولا ميتة .