14 سبتمبر 2025
تسجيللدولة الكويت وضع خاص ورائد في التجربة السياسية الديمقراطية في الخليج العربي، كما أنها نموذج متميز للحركية السياسية والمجتمعية ومنذ بواكير مرحلة الستينيات التي أفرزت وضعا كويتيا سياسيا خاصا طبع بمسيرته وتحولاته شكل وصورة هذا البلد العربي الخليجي الصغير الذي سبق له استكمال كل شروط وعوامل النهضة الوطنية والبناء المؤسساتي، ولقد مرت الكويت بتجارب سياسية صعبة للغاية بسبب موقعها الجغرافي الحساس الذي وضعها على التماس مع أقطاب إقليمية مهمة وفاعلة، لقد استقلت الكويت عام 1961 على إيقاعات أزمة ساخنة تمثلت بمطالبة رئيس وزراء العراق السابق اللواء عبدالكريم قاسم بضمها للعراق! وهو الأمر الذي طبع العلاقات مع الجار الشمالي المجاور بعقد نفسية دائمة رغم الاعتراف العراقي الرسمي بحرية واستقلال وسيادة الكويت عام 1963 إلا أن ذلك لم ينه التوجس والقلق حتى جاءت أزمة عام 1990 ومن ثم الاجتياح العسكري العراقي للدولة وضمها من قبل نظام صدام حسين الذي أضطر تحت ضغط حرب عاصفة الصحراء للانسحاب والانكفاء عام 1991 ولكن بعد خسائر بشرية ونفسية هائلة لا يمكن تعويضها بسهولة، وكما أسلفت لقد مرت بالكويت تجارب عاصفة خصوصا على صعيد التعامل بين السلطة والمعارضة خلال محطات التاريخ الكويتي القريبة والبعيدة، وحيث بدأت الحياة الدستورية مع دستور عام 1962 في عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح في زمن كانت الانقلابات العسكرية فيه هي السائدة في المشرق العربي ورسخ الكويتيون دولتهم ومؤسساتهم الديمقراطية رغم العراقيل والمشاكل، وكان الحل غير الدستوري الأول لمجلس الأمة قد حدث في عهد الشيخ صباح السالم الصباح في عام 1976 بسبب تراكم القوانين والخلاف حولها وظلت الكويت أربعة أعوام بدون برلمان كانت خلالها مدافع الحرب العراقية / الإيرانية المحتدمة تسمع في الكويت وتوتر الوضع الداخلي وظهرت أطروحة المفاضلة بين الأمن والديمقراطية حتى جاء الحل الثاني للمجلس علم 1986 وحيث حاولت السلطة عام 1990 تأسيس كيان بديل عن مجلس الأمة سمي بـ(المجلس الوطني) ولكن سرعان ما أنهار مع الغزو العراقي للكويت صيف 1990، والذي غيرت نتائجه وتفاعلاته الكثير من أدوات ومستلزمات وعناصر الصراع الداخلي خصوصا بعد مؤتمر جدة في أكتوبر عام 1990 بين النظام وممثلي الشعب وحيث تكون البرلمان الأول بعد التحرير عام 1992، ثم تصاعد الصراع حول الأدوات الدستورية وحول مشاريع القوانين وظهرت سلسلة متتالية من قوانين حل مجلس الأمة دستوريا في أعوام 1999،2006،2008،2009،2011،2011! وهذه السلسلة تعبير عن أزمة سياسية، اليوم وفي ظل تصاعد الخلاف حول قضايا داخلية وإقليمية واتهامات متبادلة مترافقة مع عمليات شحن طائفية، ومما يعطي مؤشرات غير مريحة في وضع إقليمي متوتر للغاية، وليست ثمة حلول مريحة سوى الحكمة والحوار والتزام بمبادئ الوحدة الوطنية، ولكن تبقى كل الاحتمالات والخيارات ممكنة! لقد تعود أهل الكويت على الخروج سالمين من كل الأزمات السابقة وهم اليوم أمام تحد من نوع آخر وفي زمن مختلف وظروف دقيقة وحساسة.