16 سبتمبر 2025

تسجيل

الملكة الهولندية

07 مايو 2013

تنازلت ملكة هولندا عام ١٩٨٠ عن عرشها لابنتها الملكة بياتريكس التي تنازلت أيضاً عن عرشها في تاريخ ٣٠ أبريل ٢٠١٣ لتُعين ابنها الكسندر ملكاً بعد قرن كامل من حكم الملكات الهولنديات، وتقول الملكة بياتريكس التي استقالت من منصبها وعرشها في الذكرى المائتين للمملكة لهولندية "أنا لا أنسحب لأن مهمتي أصبحت ثقيلة علي، ولكن لاقتناعي بأن مسؤولية بلدنا يجب أن تكون في أيدي جيل جديد".  ما يميز الغرب عن العرب أنهم لا ينظرون للاستقالة بأنها شيء يُنقص من قيمة الإنسان أو يبني سمعة سيئة عنه، بل ينظرون لها بأنها واجب كل مواطن عندما يحين الوقت ليفكر بما يخدم الوطن وينفعه، ويبني قراراته على أساس مصلحة الوطن. الاستقالة عند الغرب هي شيء مشرف لا ينقص من قيمة الإنسان، بل صفحة جديدة لشخص جديد يتولى الأمور بطريقة أفضل. نرى المديرين والمسؤولين في عالمنا العربي يتشبثون بمناصبهم وكراسيهم بشدة، حتى لو كان على حساب مصلحة مجتمعهم أو مكان عملهم. البعض منهم يؤمن بداخله بأن هناك من هو أفضل منه، ولكنه ينكر ذلك أمام الناس.. حتى لا يفقد المراسم والمحافل ومميزات هذا المنصب التي تهطل عليه في كل مكان. توفيت سيدة نيجيرية أثناء محاولة الشرطة القبض عليها لمخالفتها قوانين الهجرة في بلجيكا فقرر وزير الداخلية البلجيكي أن يستقيل من منصبه بدون الإطالة بالتفكير، واستقال وزير كوري من منصبه بعدما اكتشف أن احدى الجهات الحكومية ميزت ابنته عن باقي المقدمات على وظيفة لديهم، وقدم الوزير البريطاني كريس هون استقالته بسبب مخالفة سير حصل عليها، وقدم وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس استقالته بسبب فضيحته بإساءة استخدام منصبه في السماح لصديق مقرب له أن يستغله للحصول على منافع شخصية، وقدم وزير الدفاع الألماني كارل تيودور تسوغوتنبرغ استقالته من منصبه بعد فضيحة حصوله على رسالة دكتوارة مزيفة، وغيرها من قصص الاستقالة في العالم الغربي. مازال المسؤول العربي يغمض عينيه عن رؤية الفشل في مؤسسته حتى لا يفقد منصبه، أصبح المسؤول العربي يبحث عن مميزات المنصب قبل أن يعمل بمسؤوليات هذا المنصب، أصبحت المناصب هي الهدف، لا العمل فيها لتحقيق إنجازات من أجل الوطن. نرى الاحتفالات والتبريكات بمناسبة ترقية شخص إلى منصب ما وكأنها تشريف وهدية بلا مقابل، بينما هي مسؤوليات جديدة سُيكلف بها، وبداية مهمة جديدة وإنجاز جديد يصنع التغيير الإيجابي. على كل مسؤول أساء استخدام منصبه لمصالح شخصية، أو فشل في إنجاز مهمته بنجاح، أو وجد من هو أفضل منه في تولي هذا المنصب أن يفكر بوطنه لا بنفسه، وألا ينظر للاستقالة بأنها عيب وفشل وإنقاص لقيمة الشخص، فليس هناك وقت للتفكير بالأشخاص.. فهذا القرار سيغير حياة مدارس، أماكن عمل، مؤسسات حكومية وخاصة، ووطن كامل.. إلى كل مسؤول: منصبك أمانة في عنقك، لا قلادة على عنقك.