16 سبتمبر 2025

تسجيل

الرئيس والقضاة.. صراع المنتخب والمعين

07 مايو 2013

هذا هو عنوان الدراسة التي كتبها الدكتور رفيق حبيب نائب رئيس حزب الحرية والعدالة حول الصراع القائم بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة القضاء، والتي تتناول محطات هذا الصراع والأسباب التي تدفع القضاة المعينين من النظام السابق إلى الصدام مع النظام الجديد المنتخب. ويعرض بعضا من صور هذا الصدام، بدءا من أزمة حل مجلس الشعب واللجنة التأسيسية الأولى لوضع الدستور ومحاولات إلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية، وصولا إلى محاولة حل مجلس الشورى ورفض كل خطوة لإجراء انتخابات مجلس النواب الجديد. وكل ذلك من خلال أحكام قضائية تخالف القانون والدستور. وكانت أزمة قانون انتخابات مجلس النواب إحدى صور هذا الصدام، حيث ظهرت محاولات المحكمة الدستورية العليا للتغول على السلطة التشريعية من خلال التفسير الخاطئ للدستور من أجل محاولة إنتاج مواد دستورية غير موجودة في الدستور الجديد. حيث يشير إلى أنه عندما عرض القانون على المحكمة الدستورية، أصدرت حكمها بعدم دستورية بعض مواده، وكان لافتا للنظر، أن المحكمة تعسفت في فهم الدستور، بصورة تخالف ما هو مسجل في مضابط الجمعية التأسيسية في عدة أمور. ولم تكتف المحكمة الدستورية بهذا، بل وضعت في حيثيات الحكم، عدة ملاحظات تفضيلية، ليس لها علاقة بدستورية المواد، أي أنها أبدت رأيا تشريعيا، وفضلت تعديل بعض المواد، رغم أنها دستورية. وأصبح من الواضح، رغبة المحكمة الدستورية في توسيع دورها، لتكون شريكة في التشريع، وأيضا ليصبح لها دور في تفسير الدستور، بصورة تغير معناه عن المعنى الذي قصده المشرع الدستوري. وكان هدف المحكمة من ذلك هو خلق دور لها في إعادة إنتاج الدستور، بما يتفق مع ما تعبر عنه من توجه سياسي. وبهذا تكون بصدد توسيع دورها، لتصبح مشرعا دستوريا، وليس مراقبا لدستورية القوانين. ويلاحظ أيضا، أن المحكمة الدستورية لم تحدد مقصدها في المواد غير الدستورية بشكل واضح، ولم تعلن تقرير مفوضي المحكمة، مما يعني أنها أرادت ترك المشرع القانوني، يحاول تخمين ما قصدته المحكمة، وهو ما يفتح الباب لإعادة الجدل القانوني حول قانون مجلس النواب في أي مرحلة، وهو ما حدث بالفعل. ورغم هذا التمدد السياسي، المرفوض ديمقراطيا وقانونيا وقضائيا، إلا أن مجلس الشورى عدل القانون حسب رأي المحكمة الدستورية، ولم يدخل أي طرف في مواجهة مع موقف المحكمة، التي تجاوزت دورها عمليا. ومعنى هذا، أن الطرف الآخر، وهو حزب الحرية والعدالة، لا يريد فعليا الدخول في أي مواجهة، ويراهن على إمكانية التكيف مع ما يحدث، حتى يتم تصحيح الأوضاع تدريجيا. وعندما أصدر الرئيس قانون مجلس النواب، كانت كل المؤسسات القضائية من خلال قياداتها، ترى أن إصدار القانون سليم وصحيح. مما يعني، أن الرئيس لم يصدر القانون، إلا عندما تأكد أن كل المؤسسات القضائية بما فيها المحكمة الدستورية ترى أن هذا الإجراء سليم. وهذه الاستشارات الودية، والتي لا تلزم أي جهة قضائية، مثلت وسيلة مباشرة من الرئيس، لتحقيق المصالحة بين السلطة القضائية والسلطة المنتخبة، وهو ما يتوافق مع موقف حزب الحرية والعدالة أيضا. لكن رغم ذلك قام القضاء الإداري بوقف إجراء الانتخابات معتبرا أن القانون غير دستوري وقام بإحالته للمحكمة الدستوري، ليشارك هو الآخر في انتزاع صلاحيات له تخالف الدستور، الذي أوكل عملية تفسير الدستور للمحكمة الدستورية، كما نص على أن الرقابة على قوانين الانتخابات هي رقابة سابقة وليست لاحقة. ورغم أن الرئيس ومجلس الشورى "المنتخب" قبلا بتلك الأحكام الجائرة على الدستور، إلا أن القضاء "المعين" لم يقف عند هذا الحد بل واصل هجومه ضدهما، من خلال محاولة إصدار أحكام بحل مجلس الشورى وإلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية رغم التحصين الدستوري لها. لذا كان لابد "للمنتخب" من أن يتخذ خطوات للرد على هذه التطورات في المواجهة، رغم محاولاته السابقة بإرسال عدة رسائل "للمعين" – من خلال قبول أحكامه - للتأكيد على أنه لا مجال للصراع بين السلطات. فتم التقدم بمقترحات لتعديل قانون السلطة القضائية لإصلاح فساده وإعادته إلى دائرة سلطة الدولة المصرية مرة أخرى.