12 سبتمبر 2025

تسجيل

أناشدكم مجددا أن ارحموني

07 أبريل 2020

لو سألت زوجتي قبل سنوات قليلة: من هي ضرتك؟ لضحكت في بادئ الأمر لأنها تعلن دائما أنها واثقة من أنه لا يمكن أن تقبل بي امرأة عاقلة زوجا (ويا ويلك إذا قلت لها: طيب أنت زوجته الحين ومنذ سنين)، ولكن وبعد برهة قصيرة جدا فإنها كانت ستقول إن ضرتها التي لا تطيق اسمها هي الانترنت، ولم تكن حرمي وزوجتي وقرينتي وهانمي وحلم حياتي بين ماض من الزمان وآتٍ، تشك في أنني أزور مواقع مشبوهة على الانترنت، فقد كانت تعرف أنني لا أدخل قط ما يعرف بغرف الدردشة (التشات)، وتعرف انني اتلقى رسائل من قارئات يعقبن على مقالاتي مدحا او قدحا ولا ترى بأسا في ذلك، ولكنها كانت تكره علاقتي بالإنترنت بصفة عامة، وكان يغيظها ان لدي أربعة صناديق بريد الكترونية، وتقول عني إنني احسب نفسي جعفر غيتس، ويغضبها أنه كلما أثيرت مسألة ما توجهت الى الكمبيوتر لاستشارة الآنسة غوغل والسيدة ويكيبيديا. ما لم تكن تعرفه هو أنني بدوري لم أكن، وما زلت لا أفتح بريدي الالكتروني إلا بعد قراءة المعوذتين، ومن عادتي أن امسح أي رسالة الكترونية مصحوبة بمرفقات ما لم أكن أعرف من أرسلها، ولكن مصيبتي في ان من أعرفهم كانوا يمطرونني بسخافات مثل أن الكورن فليكس مصنوع من مصران الخنزير، وأن بعض أنواع الشامبو تسبب نمو الشنب (الشارب) للنساء، ومثل ان شخصا ما مات في كندا بالطاعون وثبت انه شرب كولا مستوردة من هاواي واتضح ان الفئران تتبرز على علب الكولا خلال تخزينها، ومن ثم ينصحونني "إذا كان لابد من شرب الكولا فلتكن في زجاجة؟ ولا تسألهم: وما الذي يمنع براز الفأر او الصرصار في التسلل الى الزجاجة قبل تعبئتها؟ وكل هذا كوم وبلاوي واتساب كوم آخر (لاحظت أن هناك من اختار اسم دلع لواتساب ويقول عنه الواتس، وصار اسم دلع فيسبوك الفيس، ويقول لك شخص ما قبل ان تسمع بالاسم الجديد: لقيت الكلام مكتوب في فيسبك، فتبحث عن مرآة لتتفقد فيسك الذي هو وجهك خشية ان يكون عيالك قد كتبوا عليه شخابيط وانت نائم)، فقد تحالف الغباء مع الوباء (كرونا) في واتساب، وصار كثيرون خبراء في شؤون الأوبئة، وأسخياء في بذل نظريات غبية حول تفادي الإصابة بالفيروسات، وهناك من لا يزال يزعم ان الكرونا "إشاعة" وإذا كان فحوى الرسائل التي تصلني صحيحا، فعليَّ تجنب ارسال واستلام الخطابات والطرود عبر دي اتش ال وفيدكس لأنهما مملوكتان للقاعدة (يعني القاعدة أشترت الشركتين لقتلي أنا شخصيا!)، وإذا كنت في مجمع تسوق أو شارع وعرضوا عليّ كمامة مجانية فعلي أن أرفض ذلك لأن الكمامة بها مادة مخدرة والعصابة التي توزعها لديها علم بانني احمل في جيبي على الدوام نصف مليون دولار. (فقط من يرسلون الرسائل يعرفون بأمر هذه العصابات الإجرامية بينما أصحاب المجمعات والشرطة لا يعلمون بأمر تلك العصابات المتخصصة في نشل شخص كحيان مثلي من خمسين ريالا، وهو أكبر مبلغ نقدي أحمله عادة في جيبي). وشبعت أيضا من الرسائل التي توصيني بتحويلها (أي تلك الرسائل) الى 15 أو 50 شخصا لتعطيني شركة مايكروسوفت او هوت ميل 150 ألف دولار.. والرسائل الأكثر استعباطا: انظر الى الصورة المرفقة لدقيقتين واهمس بأمنيتك وستتحقق خلال يومين.. عملت بتلك النصيحة عشرين مرة متمنيا زوال إسرائيل، وكلما تمنيت زوالها تمددت بالاستيطان في الضفة الغربية، فصرت أتمنى زوال الجامعة العربية على أمل ان تتمدد وتنضم امريكا الى عضويتها فنعيش في بحبوحة ونغنغة. الحاضر يبلغ الغائب: أنا أيضا خبير في شؤون الكرونا وعندي فائض من المعلومات عنها، ولست بحاجة الى المزيد منها حتى من هيئة الصحة العالمية، وأطمئنكم بأنني توقفت عن أكل لحم الوطواط والصرصار، فارحموني من رسائل الكرونا يرحمكم الله. [email protected]