14 سبتمبر 2025

تسجيل

أهلا رمضان.. كيف ولماذا..

07 مارس 2024

لن أحكي ذكرياتي عن شهر رمضان الكريم، فلقد حفلت بها رواياتي منذ وعيت طفلا لأجد الاحتفالات في الإسكندرية في المساجد والكنائس أيضا، والجيران المسيحيين مع المسلمين يتناولون الإفطار معا، أو تقدم الجارة المسيحية لجارتها المصرية شيئا جميلا من الطعام قبل الإفطار. كذلك سهرات المقاهي ومراكز الثقافة والسهر حول المساجد، لمشاهدة الألعاب وسماع التواشيح والغناء ومشاهدة فرق الرقص الشعبي. كل هذا لا يزال باقيا. يتساءل البعض على السوشيال ميديا كيف سيكون الاحتفال برمضان هذا العام وما يحدث في غزة من مذابح للبشرعلى أيدي الصهاينة ومن والاهم، في الوقت الذي أيضا ارتفعت وترتفع فيه الأسعار لكل شيئ في مصر، وبصفة خاصة المأكولات والأطعمة، حتى أني قرأت نكتة لطيفة أن من يقوم بعمل عزومة إفطار لآخرين، لابد من القبض عليه وسؤاله من أين لك هذا. كل شيئ حولنا يشي بأن رمضان هذا العام قد يكون مختلفا، وقد يظلله الصمت حزنا علي ما يحدث في غزة، أو عجزا عن الاحتفال والدعوات للسهر أو الإفطار أو السحور لارتفاع الأسعار المجنون. ناهيك عن من لا يزالون في السجون المصرية بتهم فضفاضة مثل الانتماء لجماعة محظورة، وفقا للقانون البشع، وأعني به قانون الحبس المفتوح، الذي يتيح الحبس عامين بلا محاكمة، تتجدد دائما إلى عامين آخرين، وهكذا يتحول السجن إلى طريقة للموت البطيئ. ربما لا يشغل هذا كل المصريين لكنه يشغل فئات كثيرة منهم، أولها عائلات المحبوسين، ثم النشطاء السياسيين، وكثيرا من الغاضبين مما يحدث، وتزخر السوشيال ميديا بغضبهم وتعليقاتهم. يتمني الجميع خروجهم مع رمضان وأتمنى أنا ذلك، وأرجو أن لا تذهب الأمنيات كالعادة إلى الفضاء. رغم كل هذا سيحتفل المصريون بالشهر الكريم. ليس لأنهم ينسون ما يجري، ولا لأنهم تعودوا عليه، لكن لأن هذه الاحتفالات على طول التاريخ، كانت ولا تزال أكبر مشجع على الأمل. هي شكل من أشكال الصبر رغم الحضور العظيم لكل الأنشطة من الفنون والتلاوات الدينية، وبها ينقضي الوقت ويمر رمضان. من طرائف الشهر الكريم ما يتردد عبر التاريخ من طول الوقت والأيام، خصوصا حين يأتي رمضان في حر الصيف، لكن قبل أن ينتهي بأيام قليلة، ترتفع في الفضاء أغنية شريفة فاضل التي لا تفنى « والله لسة بدري يا شهر الصيام». هو في النهاية شهر عبادة يحب له الجميع الاستمرار. البعض يعبر عن شوقه لنهايته في الأحاديث مع الآخرين، لكن في النهاية يضحكون، فهو لن ينتهي بالإرادة. لا أنسى يوما منذ سنوات بعيدة كانت مذيعة في راديو الاسكندرية تجول في الشوارع في أول يوم رمضان، تتحدث مع الناس عن مشاعرهم بالشهر الكريم، وسألت شخصا ما هي الأغنية التي تحب سماعها الآن مع بداية الشهر، فقال أغينة «والله لسة بدري ياشهر الصيام» ضحكت المذيعة وضحك المستمعون لابد مثلي لأن الأغنية مرتبطة بنهايته، لكن الأمر لم يزد عن نكتة، وربما هو لا يريده أن ينتهي. لكن تذكرت كيف أن المصريين من أكبر الشعوب الذين تحايلوا بالنكت على الزمن والقهر والظلم. أيام ويأتي رمضان الكريم. صحيح أن اسمه جاء من الرمضاء، أي الصحراء والحر، لكنه صار في بلاد المسلمين أياما ذهبية للاحتفال والمودة والرحمة تتسع رغم كل شيئ، وستتسع في مصر كما قلت ليس نسيانا لأحوال البلاد، ولا إهمالا لما يحدث في غزة، لكن تصميما أن تمر الأيام الصعبة التي سيأتي بعدها الفرج. وهو الأمل الذي يتجدد دائما، وبه تستمر الحياة.