05 أكتوبر 2025
تسجيلبالصدفة اطلعت على كتاب رائع صدر عام 2018 بعنوان ما وراء فجوة المهارات، يعرض المؤلف فيه أهم التدابير التي تمكن الأفراد من المهارات الحياتية والمهنية المختلفة، ومنها المهنة الأكاديمية. ويوضح كيف يمكن للمعلمين التأكد من أن الشباب الذين يحصلون على شهادة ما بعد المرحلة الثانوية مستعدون بشكل كافٍ للمستقبل؟ يبين المؤلف (ماثيو) أن الإجابة ليست ببساطة أن الطلاب يحتاجون إلى تدريب تقني أكثر تخصصاً للوفاء بفرص العمل، ويتحدى مفهوم "ما وراء فجوة المهارات" هذا المفهوم الخاص بـ "فجوة المهارات"، ويبرز بدلاً من ذلك قيمة مهارات القرن الحادي والعشرين الأوسع نطاقاً في التعليم الجامعي، فالنظام العالمي الحالي يتقاسم فيه أرباب العمل المسؤولية جنباً إلى جنب مع قطاع التعليم لخدمة الاحتياجات الجماعية للاقتصاد والمجتمع والطلاب أنفسهم. أجريت مؤخراً - مع مجموعة من الزملاء في الفريق البحثي - دراسة حول عادات العقل لدى طلاب جامعة قطر المتفوقين، وهذه الدراسة قيد النشر حالياً، وقد أبرزت الأهمية الحاسمة لعادات العقل، مثل حل المشكلات والعمل الجماعي والتواصل، وسلطت الضوء على إظهار كيف يمكن لأعضاء هيئة التدريس في الجامعة ومسؤولي البرامج في جميع الكليات إنشاء خبرات تعلم نشطة تعمل على تطوير مهارات الطلاب عبر مجموعة من المجالات. التمكين ببساطة هو إتاحة الفرصة الكافية للآخرين لإتقان مهارة ما، وجامعة قطر تركز في فلسفتها ورسالتها على أهمية التمكين كأداة حيوية من أجل مخرجات تستطيع أن تنافس تحديات العصر الحالي والمستقبلي، في كل لقاء على مستوى عال بجامعة قطر بين أعضاء الهيئة التدريسية وقيادات الإدارة العليا يكون التمكين هو القضية الأولى في الحديث، لما لدور التعليم العالي من أهمية في صناعة الإنسان في دولة قطر، ويعد هذا الحساب المدروس والدقيق، والثري بالممارسات الواقعية لأعضاء هيئة التدريس مساهمة حقيقية وجادة في خلق نقلة نوعية مستمرة والتغذية بأفكار جديدة في تنمية القوى العاملة التي ستخرج إلى سوق العمل عبر بوابة جامعة قطر. إن تقديم إرشادات قيمة لأعضاء هيئة التدريس والإداريين في جامعة قطر ضمن برنامج مخطط على مستويات مختلفة يحصل من خلاله المشاركون على باقات التميز، وتمكنهم من الإشارة إلى ذلك عالمياً في السيرة الذاتية لكل منهم، إن هذا الأمر هو أيضاً وثب عالٍ لجياد الجامعة، ويساعد على ارتفاع مستوى جامعة قطر في التصنيف العالمي لمؤسسات التعليم العالي. كل هذا فضلاً عن اللجنة العليا لدراسة معايير مخرجات التعلم الجامعي ومدى تحقيقها للكفايات المعيارية اللازمة، فكل كلية من كليات جامعة قطر أنشأت لجاناً فرعية تصب مجهوداتها في تحقيق توصيفات إجرائية للمقررات الدراسية والتعديل على البنية التحتية الأكاديمية إذا لزم الأمر، واستحداث الأنشطة المختلفة في العملية التعليمية من أجل تحمل المنافسة الحقيقية في سباق تعلم القرن الحالي ولتمكين الخريجين من المهارات والكفايات اللازمة بما يحقق رؤية قطر 2030 وما بعدها. إن إيمان سمو أمير البلاد حفظه الله بفئة الشباب كأبنية صلبة وجسور ممتدة جعل سموه يركز في كافة خطاباته العامة على هذه الفئة وأهمية الاستثمار فيها، مما دعا جامعة قطر إلى ترجمة تلك التوجهات السامية بشكل عملي ومدروس.. فهنيئاً هذا المد الفارق يا جامعة قطر. وفي اعتقادي أن طلابنا يحتاجون أيضاً إلى برامج نفسية وعاطفية مرادفة لما تسعى الجامعة حالياً لتقديمه من برامج نوعية عالية الجودة، هذه البرامج النفسية تسهم في أن يعيش الطالب والخريج حياة كاملة يقودها هو، فالتجارب الحياتية بأكملها تعتمد على ما يدور حولنا، وغالباً ما تكون مشاعرنا معتمدة بشكل كبير على ما يشعر به الآخرون حيالنا أو يتصرفون به معنا. فمن المهم في فترة الحياة الجامعية اكتشاف كيف تتعامل مع المشاعر حتى لا تتراكم أو تنفجر أو تجعلك مريضاً أو تجعلك تفعل أشياء تتمنى لو لم تفعلها، فضلاً عن فهم كيفية تغيير العادات العاطفية بطريقة تعيد تدريب عقلك - مما يجعلك أكثر قدرة ومرونة في مواجهة تحديات المستقبل. أغلب البرامج العامة التي تقدم في الولايات المتحدة الأمريكية أيا كانت هذه البرامج، فإنها تقدم مع عاملين رديفين: العامل القيمي والعامل النفسي، فلو كان برنامجاً إدارياً أو عسكرياً أو اقتصادياً أمو تربوياً، فإن التدريب يشمل حتماً أبعاداً قيمية وأبعاداً نفسية يستطيع المشاركون أن يطبقوا ما تعلموه من مادة علمية - في الإدارة مثلاً – في قالب نفسي صحيح وإطار قيمي سليم يتماشى مع المجتمع ومبادئه ودينه. آخر المطاف: تسعى جامعة قطر إلى تمكين منسوبيها من الإداريين والأكاديميين بشكل جلي يستحق الوقوف بإجلال للقرارات المتسارعة من أجل تحقيق رؤية قطر 2030. همسة: بعض الأبواب لم تفتح لأنها ليست لك، وبعض الأمنيات لم تتحقق لأن وقتها لم يحن، بعض الآلام استمرت طويلاً، لأن السعادة بعدها ستكون أطول بإذن الله.. دمتم بود. [email protected]