01 نوفمبر 2025
تسجيلعشر سنوات مرت على حرب يوليو 2006 التي اندلعت بين حزب الله الشيعي اللبناني وبين إسرائيل، والتي انتهت بانتصار مدوٍ للحزب الذي أصبح أيقونة العرب والمسلمين حينها، باعتباره القوة التي استطاعت هزيمة "الجيش الذي لا يقهر"، حتى أصبحت أعلام حزب الله وصور قائده "حسن نصر الله" تزين جدران المنازل في معظم بيوت العرب. ولا يمكن أن ننسى تلك المرأة المصرية التي خرجت في إحدى التظاهرات التي تم تنظيمها في القاهرة لمناصرة الحزب، حينما قالت: إن ظفر نصر الله بكل الحكام العرب.وعلى مستوى الإعلام العربي، سارع كثيرون إلى الإشادة بهذا الانتصار الذي حققه الحزب، والذي أحيا به الأمة بعد أن شارفت على الموت في مواجهة العدو الإسرائيلي. ووصل الأمر ببعض الكتاب العرب أن أعلنوا أن "سيد المقاومة" نصر الله هو خير من يمثل الأمة العربية.في ذلك الوقت كانت هناك دولة عربية تعلن بشكل واضح أن حزب الله لا يمثل العرب وأنه مجرد أداة في أيدي قادة إيران "الرافضية" التي تسعى لاستخدام الحزب في تمديد نفوذها في العالم العربي السني، مستخدمة الصراع العربي الإسرائيلي كوسيلة من أجل كسب قلوب وعقول الشعوب العربية. وأصدر علماء تلك الدولة بياناً أكدوا فيه رفضهم الوقوف إلى جانب هذا الحزب "الرافضي" الذي يسب قادته أصحاب رسول الله ويشبهونهم بالكلاب والحيوانات.تلك الدولة كانت هي المملكة العربية السعودية التي تنبه قادتها مبكراً لهذه المسرحية التي يقدمها الحزب الشيعي بالتعاون مع إسرائيل التي رضيت على نفسها الهزيمة مقابل التمكين لإيران وذراعها العسكرية في المشرق العربي، من أجل القضاء على الإسلام السني العدو الحقيقي للصهيونية اليهودية و"الصهيونية الشيعية" التي تمثلها إيران.ووفقا لقاعدة "عدو عدوي صديق" تحالفت إيران وإسرائيل لمواجهة الدول العربية السنية بشكل غير معلن، مع إظهار العداوة عبر التهديدات الكاريكاتورية لقيادات البلدين ضد بعضهما البعض، خاصة في فترة ما يسمى الصراع حول البرنامج النووي الإيراني الذي كان مجرد غطاء للتفاوض بين إيران من ناحية وبين الغرب وإسرائيل من ناحية أخرى، لتنظيم عملية السيطرة على الدول العربية واقتسام ثرواتها والنفوذ فيها.وشيئاً فشيئاً تكشفت الحقائق، حينما ظهرت دلائل التعاون الاقتصادي والسياسي بين إيران والغرب وإسرائيل في شتى المجالات السياسية والاقتصادية. ثم جاءت ثورات الربيع العربي لتظهر ما تبقى من تلك العلاقات التحالفية بين الطرفين، حينما وقفت إيران وخلفها أمريكا وإسرائيل إلى جانب الثورات التي فتحت الباب أمام تمدد متسارع للنفوذ الإيراني كما هو الحال في اليمن.لكنها في الوقت نفسه وقفت ضد الثورات التي حاولت إسقاط النظام التابع لطهران والغرب، كما هو الحال في الثورة السورية التي جيشت لها إيران كل وسائل القوة العسكرية من أجل إفشالها والقضاء عليها. ولذا دفعت بذراعها العسكرية حزب الله للمشاركة في الحرب ضد الثورة. وعندما فشلت أذرعها العسكرية في وقف تمدد الثورة لجأت إلى القوة العسكرية الروسية بالتعاون مع إسرائيل والغرب.وكان طبيعياً للدولة التي تنبهت مبكراً لمخططات إيران أن تقف في مواجهة محاولاتها الجديدة للسيطرة على الإقليم، فبادرت السعودية إلى شن عاصفة الحزم في اليمن ضد الحوثيين حلفاء إيران. وفي سوريا تعاونت المملكة مع قطر وتركيا في تقديم الدعم لقوات الثورة السورية في مواجهة ميليشيات طهران وعلى رأسها حزب الله الذي ظهر قائده في كلمة متلفزة ليعلن عن مشاركته في الحرب ضد الثورة السورية وكذلك في حرب اليمن ضد المملكة العربية السعودية، معتبراً أنها أشرف حرب خاضها في حياته كلها، وحتى أشرف من حروبه "المصطنعة" ضد إسرائيل.يبدو أن الرجل بات يدرك جيداً أن الحرب الدائرة حالياً في المنطقة سواء في سوريا أو في اليمن، ستحدد مستقبل المنطقة لعقود قادمة، ولذا لم يمانع في كشف كل أوراقه بشكل صريح بعد أن انكشف المستور ولم يعد ممكناً الاختفاء وراء الشعارات البراقة كما كان الأمر في الماضي.ولهذا جاء القرار السعودي بوقف المساعدات العسكرية للبنان بسبب سيطرة الحزب على مفاصل الدولة وتوجيهه لقرارها السياسي، ودفع دول الخليج، عبر مجلس التعاون الخليجي، وكذلك الدول العربية، عبر مجلس وزراء الداخلية العرب، لإعلان الحزب منظمة إرهابية.