17 سبتمبر 2025
تسجيلإن معرفة الطريق إلى الحق والهدى أول طريق السالكين ومنطقة سبيل المسترشدين والحصانة من كل سوء والأمان من كل زيغ ,إنها أزكى التحيات وأجملها وأطيبها وأنداها لذلك المؤمن الذي خشع قلبه لربه وتحلى بالتقوى في زمانه فسار على درب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وماذاك إلا تحت قول الله تعالى (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) التوبة 108 , إنه المؤمن الذي تطهر من دنس المعصية ومن ظلام الجهل وأنعم برجولته في سبيل طاعة ربه وأبى إلا أن يقتبس من نور الله ومن فيض الرسالة المحمدية ضياء, فاستنار له الطريق وأضاء دياجير الظلامفأصبح شعلة يهتدي به الضال يقول الله تعالى :( إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ) الكهف : 13 هذا هو الرجل الذي خلد القرآن ذكره بما استنار به بنور الطاعة المطلقة لربه عندما يحافظ على أداء الفرائض مخلصا لله تعالى وعندئذ نسمع قوله تعالى: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) النور: 37 ,فخير الناس أنفعهم للناس كما علمنا هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ,ولأنأمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له ثبت الله قدمه يوم تزل فيه الأقدام ,أما يهزك ويحرك مشاعرك هذا الربح وهذا المغنم أما يوقد فيك شعلة حب عمل الخير وبذل المعروف أما وقد بشر صانع المعروف بجنةعرضها السموات والأرض وأن صنائع المعروف تقي العبد من مصارع السوء وأن الله عز وجل جعل لهم القبول في الأرض وينجيهم من الشدائد يوم القيامة ,فأهل المعروف في الدنيا هم أهله في الآخرة فهم وحدهم من يكسوهم الله ويطعمهم ويسقيهم ويغنيهم جزاء صنيعهم ورحمتهم بعباده في لدنيا, فعن أبي جري الهجيمي قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت :يا رسول الله إنا قوم من أهل البادية فعلمنا شيئا ينفعنا الله تعالى وتبارك به ،قال صلى الله عليه وسلم لا تحقرن من المعروف شيئا ولو تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط , فالمؤمن رحيم رقيق القلب محب للخير ساعٍ لبذل المعروف يشعر بآلام إخوانه ويتلمس حاجاتهم وهذا الإحساس نابع من التزامه بدينه دين الرحمة فعلى قدر الإيمان تكون المواساة والمواساة للمؤمنين تكون بالمال أو بالجاه بالخدمة أو بالنصيحة والإرشاد وبتقديم العون أو بالدعاء والاستغفار وأقلها التوجع لهم ولمصابهم, فخاب وخسر من لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمة للبشر ,فمن لا يرحم لا يرحم والمؤمن الحق ذو عزيمة قوية وهمة عالية فمتى قدر على بذل المعروف عجله خشيةذهاب وقته وفوات أجره فكم من بلية في علم الغيب رفعت جراء بذل وعطية بذلتها سرا أو علانية ,أو جزاء هم وكربة فرجتها عن مسلم أو حاجة تلمستها لأخيك فقضيتها ,فأحسن يحسن إليك وأنفق من فضل الله الذي بين يديك وبهدى السلف الصالحين اقتدي ولين قلبك للمؤمنين وتلمس حوائجهم ولا تستصغر شيئا من المعروف فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس ) رواه مسلم.فالمعروف وبذل الخير باب واسع وبحر شاسع اغرف منه كيف شئت ولا تحرم نفسك أجر المسارعة في الخيرات وصنائع المعروف ,جعلنا الله وإياكم من أهل الطاعات مفاتيح الخيرات, فالتقي الخلوق لا يصدر عنه فعل قبيح يؤذي به الناس , بل تجده يحرص أشد الحرص على التحلي بحسن الخلق ونفع الناس وأن يكون كالنخلة التي يرميها الناس بالحجارة فترميهم بالثمار ,لذلك تجده دائما يزن الأمور بميزان الأخلاق والإيمان ولا يقصر في حق أحد ,لأنه يعلم أن ربط البواعث الخلقية بالإيمان بالله تعالى ,هي التي تميز الإنسان المسلم عن غيره ,فلا تكن سلبيا إمعة وتقول لنفسك إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت تبهر العقول بأدبك الجم وأخلاقك السامية التي حقا يقال عنها إنها أخلاق الرجال الذين يعطون لكل ذي حق حقه، فلا يطغي حق على آخر فلا يكون مفرطا في مسؤوليته وإنما يزن الأحوال بميزان الدين والإيمان, ولكن لابد أن تكون لك وقفة مع نفسك وتأخذك الحسرة على ذنوبك وتبكي عليها ليلك نهارك.