15 سبتمبر 2025
تسجيلثمة مؤشرات ومخاوف هامّة وخطيرة قد تؤدي إلى تغيّر في كثير من الأوضاع والأحوال التي تعيشها دول الخليج العربي وتحديداً الست (السعودية، قطر، الكويت، البحرين، الإمارات، عمان) إذا ما استثنينا العراق واليمن من تلك المخاوف، هذه المخاوف والمؤشرات نتلمسها ونحن نشاهد تسارع الأحداث في منطقة الخليج وما حولها منذ انطلاق الربيع العربي الذي بدأ في تونس ثم انتشر إلى مصر ثم ليبيا ثم اليمن وسوريا والعراق والذي باركته أغلب دول الخليج العربي بصراحة ووضوح بينما لعنته وقاومته وتشاءمت منه دول خليجية أخرى كارهة وحاقدة على وصول الإسلاميين للحكم بعد اختيار الناس والشعوب لهم، ولن نذكر هنا تلك الدول الخليجية التي سكتت حتى عن تحديد موقفها من تلك الأحداث أو لنقل بصراحة من الوقوف في وجه الظالمين والطغاة من الحكّام وانضمت إلى الشعوب المظلومة من قبل حكّامها لأنها لا تستحق أن تذكر ولا أن يذكر مواقفها التاريخ.. فتلك الدول "الصامتة" اختارت حكوماتها أن تعيش في غياهب الظلام وأن تتوارى عن إبداء كلمة الحق ونصرة إخوانهم المستضعفين من المسلمين، فتلك الدول ستعاني حكوماتها عاجلاً أم آجلاً من آثار ذلك السكوت المخزي والصمت المطبق خاصة ونحن نعلم تماماً بأن تلك الدول لم تلجأ إلى الصمت والسكوت إلا لأنها مؤيدة لممارسات تلك الحكومات الظالمة في دول الربيع العربي أو لأنها متورّطة مع "أعداء هذه المنطقة" ممن يكيدون لها ويمكرون بها سرّاً وخفية كـ "إيران وأمريكا وإسرائيل".. والتي أثبتت لنا أحداث الثورات العربية أنهم يقفون في صف واحد في مواجهة العالم العربي والإسلامي بأكمله. ما أود قوله هنا أن الوضع تغيّر تماماً بعد أحداث الثورات العربية، فبعض دول الخليج "بيضت وجهها" بمواقفها المشرّفة بينما قامت أخرى بخلاف ذلك فنصرت وعاونت الطغاة قبل وأثناء وبعد سقوطهم بل إلى اليوم وهم يحاولون إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه من ظلم وقهر وفساد واستعباد للشعوب، وفي كلا الحالتين فإن مواقف دول الخليج العربي المختلفة والمتباينة تلك جعلت أعداءها في إيران وأمريكا وإسرائيل يتربّصون بها ويستميلون تلك الدول المؤيدة للطغاة ويتعاونون معها بشكل أو بآخر، بل ويعتمدون عليها كثغرة يدخلون منها فيفرّقون وحدة شعوبها وتآلف حكوماتها ليثيروا النعرات ويزيدوا الخلافات ويشعلوا الصراعات بينهم حتى ينشغلوا في قتال بعضهم البعض فيسهل وقتها السيطرة عليهم وقيادتهم كما يقود الراعي قطيع الأغنام والخراف، وما لم تفهم دول الخليج مجتمعة هذا المعنى بوضوح وأنها أمام تحدٍ تاريخي سيعيد صياغة المنطقة من جديد فإنها ستتلاشى وتعود إلى أجزاء أصغر من الدويلات "في أحسن الأحوال" تعتمد على الكلأ والماء!! إن ما تريده الشعوب الخليجية بل والعربية والإسلامية جميعاً من حكّامها وحكوماتها هو عودة صحيحة إلى كتاب الله وسنة رسوله والحكم بما أنزل الله ورسوله والرضى بذلك دستوراً ومنهجاً للحياة حتى يكون شرع الله هو الغالب وأمر الله هو الحاكم، لا أن يكون دين الدولة "الإسلام" بينما أنظمتها وقوانينها وتعاملاتها علمانية أو رأسمالية أو اشتراكية أو غيرها من عقائد الشرك والضلال والفساد كما حدث في دول الربيع العربي ومازال يحدث في بعض الدول الخليجية والعربية بلا استثناء. إن مؤشر انتشار الظلم والفساد وضياع الحقوق ومصادرة الحريّات هو مقياس للبعد عن تعاليم "الإسلام" الذي تزعم كثير من الدول الخليجية والعربية بأنها تعتمده ديناً ومنهجاً للحياة بينما هو عكس ذلك كلّه على أرض الواقع، حتى أصبحت دول الغرب الكافرة تطبّق روح الإسلام في كثير من أركانها وتعاملاتها القائمة على العدل والحريّة والمحبة فيما بينها، بينما تطبّق كثير من الدول الإسلامية - للأسف - روح الجاهلية لا الإسلام. إن ما تحتاجه الدول الخليجية بشكل خاص والعربية بشكل عام هو أن تعود إلى دينها وأن تنتصر به فلا عزّة لها من دونه كما جاء على لسان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولسان ربعي بن عامر رضي الله عنه عندما قالها بكل فخر في وجه رستم "قائد الفرس"، فذلك باختصار ما تريده الشعوب من حكّامها بل وما يريده الله من أولئك الذين ولّاهم الله على هذه الدول وأمرهم بخلافته في الأرض وتحكيم شرعه ونشر دينه حتى تعود أرض الجزيرة خضراء.. جنّاتٍ وأنهار.. قبل يوم القيامة.. كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم.. آملين أن يعمّ الخير في كل بلاد المسلمين وأن نشهد انطلاقة "الربيع الإسلامي" والعودة إلى دين الله مجدداً انطلاقاً من أرض الجزيرة العربية إلى كافة أنحاء الأرض.