19 سبتمبر 2025

تسجيل

في أعماقنا ريان

07 فبراير 2022

أسرت قصة هذا الفتى كل من صادفها، وتعلقت القلوب بمأساة هذه العائلة، شخصت الأبصار نحو شفشاون، تنتظر بصيصاً للأمل، خبراً حول صحته هنا، صوراً له وهو يستنشق الهواء هناك، ثم ساد الصمت، لساعات طويلة وفي نهاية الأيام الخمسة، ظل العالم يترقب، وظلت الأمتار تزيد وتنقص، حتى تحركت الجموع وهللت الجماهير وتحركت سيارة الإسعاف مؤذنةً بخروج ريان، للحظات قليلة، ذرفت دموع الفرح، ولكنها ما غادرت الوجنات إلا وقد تحولت لدموع حزن وأسى، «ريان مات» ومات معه الأمل. كان احتمال خروجه سالماً ضرباً من الخيال، ولكن الأمل في قلوبنا لم يسمح بالحديث حول واقعية المشهد، الحلم كان بنهاية سعيدة، نهاية روائية هوليودية، يخرج ريان ويعيش حياة سعيدة، وتسعد معه قلوب أشقتها هموم الدنيا ومشاكلها، للحظات كان الحلم أن يغطي وهج نور ريان على ظلام الحروب والأزمات وأن تستبدل ضحكاته أنين الجرحى وصياح الثكالى في بؤر الصراع والنزاع، كان حلماً فغدا كابوساً، بل واقعاً كبقية قصص واقعنا العربي الأليم. ولعل ريان غادر هذا العالم إلى ربه رحمة به، من أوجاعه ومآسيه، ولكن غصة رحيله شعر بها كل من عاش ملحمته، قصة ريان جسدت آلامنا وآمالنا، أحزاننا وأفراحنا، كوابيسنا وأحلامنا، هذه الغصة ستدوم قليلاً أو طويلاً، لكنها ستمثل انعكاساً لمشاعرنا حول كل شيء، رحيله رمز لرحيل الأمل من قلوب أبناء أمة عانت الأمرين في تحولات سياسية وأزمات اقتصادية وحروب مستمرة، لم يكن ريان ضحية إحداها، ولكنه كان تجسيداً لها جميعاً. رحل ريان ولكن لنجعل من رحيله بداية، ننظر في دواخلنا، نخرج ريان من أعماقنا، يتنفس الحرية من أرواحنا، يعيش عبر أعمالنا، يرى بأعيننا أثر قصته في حياة أطفال هذا العالم، في مخيمات اللاجئين وساحات المعارك وبيوت الفقراء، فلنسع ليكون ريان آخر المآسي التي تخلفها الحاجة، لنعمل على أن يكون إرث ريان منجاة لمن خلفه، إلى جنات الخلد يا ريان، وإلى واقعنا نعود. أكاديمي قطري [email protected]