19 سبتمبر 2025
تسجيلثار جدل واسع في الفترة الأخيرة حول أداء المؤتمر الوطني العام في ليبيا، الذي تم انتخابه في 2012 كوريث للمجلس الانتقالي، حيث اعتبره البعض فاشلا بسبب عدم قدرته على تحقيق الأهداف التي تم انتخابه من أجلها.فبعد مرور ما يقارب العشرين شهرا على انتخابه، يرى البعض أنه فشل في إعداد دستور جديد للبلاد، وكذلك في مواجهة تحديات الفترة الانتقالية من خلال حكومة يختار رئيسها وتحظى بثقته. حيث فشلت الحكومة التي اختارها بقيادة "علي زيدان" في ذلك خاصة ما يتعلق بالملف الأمني، الذي أضحى من أبرز التحديات أمام عملية بناء الدولة. وظهر جليا أن المشاكل الأمنية تزداد تعقيدا مع استمرار الفشل والعجز الحكوميين. ومن أبرز المشاكل الأمنية التي فشلت الحكومة في حلها، قضية إدماج كتاب الثوار في الأجهزة الأمنية، حيث لم يؤد ذلك إلا إلى زيادة عدد المجموعات المسلحة والمسجلين كثوار الذين قاموا بتسجيل أنفسهم في اللجنة الأمنية العليا التابعة لوزارة الداخلية، وهو ما ترتب عليه فوضى أمنية جعلت من تحقيق الأمن الداخلي مهمة صعبة. يضاف إلى ذلك غياب تطورات ملموسة فيما يتعلق ببناء جيش قوي يستطيع حماية الأمن القومي وحدود البلاد، وليس أدل على ذلك من استعانة حكومة زيدان في أكثر من أزمة أمنية بكتائب الثوار بسبب عدم قدرة الجيش على مواجهتها بمفرده. وكان آخر تلك الأزمات سيطرة مسلحين موالين لنظام القذافي على القاعدة العسكرية قرب مدينة سبها في جنوب البلاد، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالمشاكل الأمنية في منطقة برقة وما حولها، حيث تدعو مجموعات مسلحة إلى إقامة نظام فيدرالي يمكنهم من الحصول على نسبة أعلى من عائدات البترول.هذا التخبط والفشل أوجد حالة من الانقسام لدى الرأي العام، حيث طالب البعض بضرورة إيجاد خارطة طريق جديدة تؤدي إلى حل هذه المشاكل الأمنية وغيرها من المشاكل وإنجاز الدستور المنتظر.وطرح البعض مبادرة تقوم على تبني خيار العودة إلى استئناف الحياة الدستورية، التي كانت موجودة قبل الانقلاب الذي قاده القذافي في عام 1969، من خلال تشكيل حكومة كفاءات تحصل على سلطات الملك المقررة في الدستور القديم وتوفر الأجواء المناسبة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تنتج مؤسسات منتخبة تقوم على استكمال بناء باقي مؤسسات الدولة الجديدة، وكذلك بناء عملية توافق مجتمعي واسعة حول بنود الدستور الجديد.وتنطلق هذه المبادرة من موقف كثير من المواطنين الرافض لفكرة التمديد للمؤتمر الوطني الحالي الذي ينتهي وجوده القانوني في 7 فبراير الجاري، ويدعو إلى ضرورة اختيار برلمان جديد يستطيع تحقيق الأهداف التي فشل في تحقيقها المؤتمر الوطني.لكن يبدو أن أعضاء المؤتمر الوطني وضعوا خارطة طريق أخرى تقوم على تعديل الإعلان الدستوري للتمديد فترة ستة أشهر جديدة، تبدأ من السابع من فبراير حتى يتم الانتهاء من وضع الدستور الجديد. وفي حال لم يتم الانتهاء من الدستور في نهاية هذه الفترة يتم الدعوة إلى انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة في أغسطس القادم. كما قرر أعضاء المؤتمر اختيار رئيس حكومة جديد بدلا من علي زيدان في فترة لا تتجاوز الأسبوعين، لمواجهة التحديات المختلفة.بطبيعة الحال لم تلق القرارات الجديدة قبول البعض الذي كان يأمل في خارطة جديدة، والذين يرون أن هذه القرارات ستؤدي إلى زيادة الشقاق السياسي، وهو ما سيترتب عليه إما أن يسقط المؤتمر الوطني في حراك ثوري شعبي يعيد البلاد إلى المربع الأول أو ينقسم الشعب إلى عدة فرق متناحرة ويفتح الباب لحروب أهلية بسبب فتن قد يزرعها أعداء الثورة.ومن المؤكد أن هذا الجدل سيظل مستمرا، وهو ما سينعكس في صورة استمرار الانقسام السياسي وزيادة التحديات، إلا إذا استطاع المؤتمر احتواء كل القوى السياسية في الحكومة الجديدة، وكذلك في عملية وضع الدستور الجديد .أحمد فودة