12 سبتمبر 2025
تسجيلبصورة عامة لا تبدو المجتمعات الخليجية منتجة بما يتناسب وقدراتها من الموارد الطبيعية، ولا يمكن تبرير معدلات البطالة ولو ارتفعت واحد بالمائة، إذ أن عجلة الإنتاج تتحرك عندما توفر الدولة البنيات الأساسية للإنتاج وليس التوظيف، وتلك هي المفارقة التي تجعل الخليجيين غير منتجين بذات المستويات التي قامت عليها نهضات عملاقة كما في اليابان بعد تدميرها بالقنبلة الذرية حيث واصل اليابانيون العمل ليلا ونهارا في أرض محروقة هي أرضهم وبلادهم التي ينتمون إليها ورفضوا حتى الإجازات الأسبوعية فكان سرعان ما صعدوا وحققوا نهضة التجربة اليابانية التي جعلت اقتصادهم ثاني أكبر اقتصاد في العالم ومنبع كثير من التقنيات وفي مقدمتها الترانزستور. لم يبحث اليابانيون عن وظائف روتينية وإنما وظفوا طاقاتهم في الإنتاج وطوروا قدراتهم وارتفعوا بهممهم فحققوا طموحاتهم، وتلك التجربة ينبغي أن نستفيد منها في الخليج، لأننا نحمل السلّم بالعرض وننتظر السماء تمطر وظائف وحياة سهلة ورخوة وسلبية للغاية، فقيمة الحياة في العمل الجاد وتحقيق الغايات والطموحات من خلال الجهد والتعب وليس انتظار الدولة والحصول على رفاهية تصب المزيد من الزيت على نار السلبية والاتكالية. لا بد من إعادة نظر اجتماعية في تقييمنا للعمل واكتساب ثقافة عملية بديلة عن التي تسيطر علينا حاليا، فهي لن توصلنا إلى النتائج الكبيرة على النسق الياباني أو الكوري، فأولئك قوم لديهم وعي عملي وإنتاجي هائل ولم يتوقفوا حتى بعد أن وصلوا مرحلة الرفاهية والتطور والازدهار، فيما نحن مع أول مظاهر الطفرة ونتائجها سلمنا بما لدينا ودخلنا حالة استهلاكية أقل ما يقال عنها أنها مرضية ولا تستقيم مع مقتضيات التطور وبناء الذات والأوطان ووضعها في طريق الإسهام الحضاري والعلمي والعملي، ولو صدرنا نفطا وغازا وبتروكيماويات في مصانع تم توطينها ولكن تقنياتها وعامليها جميعها أجنبية. النهضة لا يمكن أن تتم على القياس الذي نقوم به حاليا، فالوعي بالمستقبل لا يزال ضعيفا لدينا، وطالما تتملكنا هذه الحالة الاستهلاكية فإننا سنظل بعيدين عن الشروط الضرورية للتطور والازدهار، لأننا في المحصلة بحاجة لدافع إنتاجي يوظف قيم العمل بصورة صحيحة وإيجابية وليس ركونا للرفاهية وانتظار دور الدولة في دعم المواطن وتلبية احتياجاته فقط.