10 أكتوبر 2025
تسجيلأبقى مع موال الامتحانات عطفا على مقالي هنا الأسبوع الماضي والذي قلت فيه إنه لا توجد وصفة مضمونة النتائج ومحمودة العواقب لاستذكار الدروس استعدادا للامتحانات، وإن الضغط على العيال كي يحرزوا نتائج طيبة تمهد الطريق أمامهم كي يصبحوا مهندسين وأطباء قد يعود بنتائج عكسية. وليتني أستطيع أن أقدم للطلاب معادلة مضمونة النتائج للنجاح في الامتحانات، فرغم خبرتي الطويلة كطالب ثم مدرس ثم أب، لا أعرف طريقة مثلى للمذاكرة والنجاح الأكاديمي، فهذا مجال تنطبق عليه مقولة إن لكل شيخ طريقة، وقرأت مؤخرا عرضا لأكثر من كتاب عن التعليم والتعلم ووجدت فيها نصائح أعتقد أنها أكثر جدوى وفائدة من منظومة التوجيهات التقليدية المكررة والممجوجة التي تطالعنا بها وسائل الإعلام في مثل هذه الأيام من كل سنة، عندما تكون امتحانات نهاية العام والشهادة الثانوية على الأبواب. هيا إلى النصائح التي أعترف بأنها أعجبتني ولكن لك الخيار والقرار في العمل بها: اهرب من الطاولة التي تذاكر عليها دروسك (حلوة دي؟ تهرب وتحمل المسؤولية لأبي الجعافر، ولكن حيلك).. لا بأس.. بل أهرب من تلك الطاولة ركضا وابتعد عنها حتى يتصبب منك العرق.. (لم نكن على أيامنا نملك طاولات ندرس عليها ولهذا كان السرير هو مكان المذاكرة وكلنا يعرف إغراء التمدد في السرير والاستسلام للاسترخاء المؤدي إلى النوم الثقيل المبطل للوضوء!) والهرب المقصود هو الجري أو ممارسة أي رياضة تجعل الأوكسجين يتدفق إلى المادة الرمادية التي في تجويف رأسك (المخ).. فالمخ يعمل بالكفاءة القصوى عندما يتلقى الأوكسجين بكميات تجارية، كما أن الرياضة تعزز خلايا الهيبوكامبوس، وهو ذلك الجزء من الدماغ المسؤول عن التعلم والذاكرة؛ وكي لا تحسبني عالما ضليعا و"بتاع كله" فإنني أسارع وأقول إن تلك المعلومات منقولة من كتاب لسارة جين بليكمور وأوتا فريث واسمه The Learning Brain "دماغ التعلُّم"، (الناشر بلاكويل).. وينصح المؤلفان الطلاب بالإكثار من تناول الأكلات البحرية الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية (وإذا كنت تعيش بعيدا عن البحر ففي السردين والتونا المعلبة تجد كفايتك منها). وهناك أقراص من فئة المكملات الغذائية توفر تلك الأحماض في حال تعذر تناول الأكلات.. وتشير نتائج دراسة أجراها مستشفى سنت جورج في جنوب لندن في سبتمبر الماضي وشملت آلاف التلاميذ الصغار إلى أن تناولهم أطعمة غنية بأحماض أوميغا 3 جعلهم أفضل إدراكا واستيعابا للدروس. ومن جهة أخرى فإن دراسة أجرتها جامعة واريك البريطانية أكدت صحة ما ورد في مجلة الوعي والإدراك Consciousness and Cognition بأن الاستماع إلى الموسيقى الجميلة/ المفضلة يحفز الدماغ وينشطه.. اسمعني زين: الموسيقى الجميلة.. وليس الأغاني السخيفة التي تصاحبها ورشة من الشواكيش وأعمال السمكرة بحجة التطريب والترقيص.. يعني لو استمعت إلى روبي وهيفا الهايفة والعجرميات وثامر حسني وكفوري أثناء الامتحانات فإن دماغك س"يتربس" أي يصبح مغلقا بترباس فلا يستقبل أي معلومة.. أما إذا استمعت إلى شعبان عبد الرحيم وأنت في الصف الثالث في المرحلة الثانوية فإنك س"تعيد" السنة في سادس ابتدائي!! وكلنا نعرف أن العطور منعشة ولهذا نضعها على أنف من يصاب بغيبوبة عارضة، ولكن ليس معنى هذا أن تستنشق عطورا باريسية أثناء المذاكرة.. فمن بين الكثير من أنواع الروائح والعطور اكتشف باحثون في جامعة ياماناشي اليابانية أن استنشاق عبير الخزامى أثناء "الاستراحة" من العمل أو الدراسة يزيد القدرة على التركيز، لأن في الخزامى (وقد تجد النوع الاصطناعي منه تحت مسمى لافندر lavender) مادة مهدئة لطيفة تساعد على الاسترخاء، والاسترخاء ضروري لمن يدرس أو يعمل لساعات طويلة.. بل توصل علماء في جامعة كادريف في ويلز بأنه ليس من المستحب المذاكرة لأكثر من 40 دقيقة متصلة.. يعني عليك بوضع الكتاب جانبا كل 40 دقيقة لبضع دقائق تسترخي خلالها لتستأنف الضخ من جديد... يعني تمارس رياضة خفيفة حينا وتمارس الاسترخاء حينا آخر والباقي على الله. [email protected]