20 سبتمبر 2025
تسجيلبشار الأسد قاتل بكل المعايير والمقاييس ووفق محددات منظومة القواعد الدينية والأخلاقية والسياسية هو قاتل بكل معنى الكلمة لم يعد ينتمي للإنسانية أو للفكر أو للسياسة، حدقت في قسمات وجهه في الصورة التي بثت للقائه مع الأخضر الإبراهيمي المبعوث العربي والأممي لسوريا فبدت لي ملامح القاتل المجرم الدموي لم تكن عيناه تطرفان كانتا تصبان نارا تندلع من بين الأهداب والجفون. خلته واحدا من بقايا مصاصي الدماء أو محاربي البقر في الغرب الأمريكي الذين يقتلون بدم بارد. لم تعكس لي ملامح بشار العبثية أي إشارة لامتلاكه بعدا إنسانيا. وكيف يمتلكه وهو يلقي بنيران طائراته وصواريخه ومدافعه وبنادقه وقناصيه إلى الأماكن التي يقطنها الناس، فتلك قنابل عقنودية تطارد أطفالا ونساء وشيوخا وشبابا لا يحملون السلاح وتلك براميل معبأة بالنار تقذف على الأبرياء في منازلهم التي تنهار عليهم فيلتصقون بالجدران والحوائط والنوافذ والأبواب التي تتهاوى، وتلك قذائف الدبابات ومدافع الهاون وغيرها من أنواع شتى من الأسلحة تدك البيوت والمخابز ومحطات الوقود وكل شيء يمكن أن يوفر شيئا مفقودا للبشر الجوعى والمعذبين والمرابطين في مدنهم وقراهم بأنحاء الوطن. كانت ملامح بشار تنبئ لي عن مجرم استمرأ لعبة الذبح والقتل والإبادة والمحو، لا يمكنه أن ينام قرير العين إلا بعد أن يتلقى تقارير من عسسه وبصاصيه عن أعداد القتلى خاصة من الأطفال الرضع والنساء الحوامل وكبار السن. أظنه بات معتادا على متابعة دفتر أحوال القتل ورغم ذلك فإن القاتل بشار ما زال يبدي إصرارا على البقاء رئيسا للشعب السوري. وأحسب أنه يتحدث عن شعب آخر غير الشعب الذي يقتله، فهو يريد أن يظل في موقع السلطة حتى نهاية فترة رئاسته في العام بعد المقبل – 2014 – ويرفض التفاوض بشأن أي نزوع لتنحيته. وكيف يتنحى وهو البطل المحبوب والقائد الهمام الذي حرر الجولان وأعاد الاستقرار للبلاد وتتحدث الأنباء القادمة من دمشق أنه يعتزم أن يلقي خطابا خلال الأيام القليلة القادمة يتحدث فيه عن شروطه لإنهاء الأزمة وتفيد التسريبات عن هذا الخطاب بأنه يريد أن يربط الحل بالقضية الفلسطينية والمقاومة في فلسطين ولبنان واستعادة لواء الإسكندرونة الذي تحتله تركيا وهذيان كثير من هذا القبيل. ألم أقل لكم إنه قاتل ومغيب عن الواقع الذي يحيط به ويعيش فيه، ويبدو أن حاشيته المستفيدة من استمراره في السلطة تقدم له عكس الحقائق وهو يصدق أنه يحارب عصابات مسلحة وليس شعبا مسلحا وأن جيشه وشعبه يد واحدة وهي أكذوبة يرددها منذ اندلاع الثورة قبل نحو العامين إنه قاتل يداه ملطختان بالدماء. قاتل ليس لعدو ما زال يربض على جزء غال هو الجولان التي لم تطلق طائراته المقاتلة أو صواريخه أو مدافعه أو بنادقه طلقة واحدة باتجاهه، وظل كلما تعرضت سوريا لعدوان يردد مقولة ما زالت ساكنة في مناطق السخرية: سنرد في الوقت والتاريخ الذي نحدده وهذا الوقت والتاريخ لم يحن أبدا في زمن بشار الذي نجحت آلته الإعلامية في تسويق فكرة أنه زعيم محور المقاومة والممانعة والذي ثبت أنه محور موجه ليس لمحتلي الأراضي العربية ومنتهكي حقوق الأمة. ولكنه وظف بكل طاقاته ضد الشعب السوري الذي ثار وما زال يثور من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة.. هل ثمة حل سياسي في الأفق؟ الأخضر الإبراهيمي أبلغنا نحن الصحفيين في لقاء معه رتب بشكل مفاجئ يوم الأحد الماضي، بعد لقائه بالدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية بأن لديه مقترحا لحل سياسي بناء على وثيقة جنيف التي تم إقرارها في الثلاثين من يونيو الماضي، يقوم على وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة وطنية موسعة تمهيدا لإجراء انتخابات دون أن يحدد الموقف من استمرار الأسد رئيسا بشكل واضح. وتلك هي المعضلة فمن يقبل من الثوار خطة للحل في ظل بقاء بشار رئيسا؟ لا أحد، وهو ما أكدته أغلبية فصائل المعارضة التي يقودها الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وإن كانت بعض ما يسمى بمعارضة الداخل أبدت مرونة تجاه بشار. وفي يقيني أن الحل لن يكون سياسيا وفي الوقت نفسه لن يكون ولا يجب أن يكون عبر آلية التدخل العسكري الأجنبي، فثمة إجماع تقريبا على رفضها سواء وطنيا أو عربيا أو حتى دوليا نظرا لكلفتها العالية والتي جربت في العراق ثم في ليبيا، ومن ثم فإن الخيار المتاح هو الحل العسكري من الداخل والذي بدأت كتائب الثوار تطبيقه منذ أشهر بكفاءة عالية وإن كانت هناك بعض الإخفاقات نتيجة القدرات العسكرية التي ما زال نظام بشار يمتلكها على نحو تفوق قدراتها. ورغم أن التوازن العسكري من حيث الشكل لا يميل لصالح الثوار إلا أنهم تمكنوا من أن يفرضوا أنفسهم كرقم شديد الأهمية في معادلة الصراع والحرب مع النظام فقد حققوا على مدى الأشهر القليلة المنصرمة سلسلة من التحولات النوعية في مسار الصراع وأضحت مناطق شاسعة في قبضتهم وباتوا يشرفون على مختلف مناحي الحياة المدنية تنظيما وتوزيعا للخدمات واستعادة لدور مفقود لمؤسسات الدولة المنهكة بفعل ضربات قوات بشار لبنيتها التحتية ومؤسساتها وشعبها . إذن الرهان لن يكون على حلول تأتي حصيلة توافق إقليمي أو دولي وإنما هو على شعب قرر أن يستعيد حريته وقدرته على رسم مساره وبناء دولته الجديدة بمنأى عن هيمنة آل الأسد ومن داروا في فلكهم على مدى الأربعين عاما الماضية ويقيني أنه سيمضي في هذا الاتجاه الصحيح رغم آلاف الشهداء الذين سقطوا حتى الآن وتجاوزا الستين ألفا غير المصابين والجرحى والمعوقين واللاجئين في مناف داخل البلاد وخارجها.