14 سبتمبر 2025

تسجيل

46 عاماً على إنشاء وزارة الخارجية

06 ديسمبر 2017

توثيق شامل لإسهامات الدبلوماسيين القطريين ودورهم على المستوىين الإقليمي والدولي سعدت كثيراً حين أتيحت لي فرصة الإطلاع على مؤلف سعادة الأخ الأستاذ أحمد بن جاسم محمد الملا مستشار وزير الخارجية لشؤون المراسم والمؤتمرات (46) عاماً على إنشاء وزارة الخارجية القطرية وقد ألفيته بعد قراءتي له مؤلفاً شاملاً غطى أوجه التمثيل الدبلوماسي والقنصلي في دولة قطر بعد أن استعرض كافة التطورات التي لحقت بهذا الجانب، والحق أن المؤلف حين يَقِدم على إخراج هذا المؤلف في هذا المضمار فإنه يفعل ذلك، وهو مزود بمنهج الباحث الدبلوماسي من حيث الدراسة والخبرة، ساعده على ذلك عمله الطويل في هذا الميدان الممتد منذ تخرجه في كلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1970 وحتى تاريخه، وهو بخبرته في عمله الدبلوماسي يعد جندياً في الميدان السياسي على حد تعبير "هارولدلاسكي" فالدراسة الجامعية والخبرة الدبلوماسية قد امتزجتا في التكوين العلمي للمؤلف امتزاجاً مثمراً ظهرت آثاره في هذا المؤلف الغني بتفاصيل المعرفة والمشرق ببلاغة التعبير والمرتكز على توازن واضح في النقل والترتيب، ومن ناحية أخرى فإن هذا المؤلف يمكن أن يطلق عليه اصطلاح العين المباشرة "فصاحبه جنَّد نفسه في هذا المجال وعشق العمل فيه"، مما أتاح له الوقوف على كل ما رافق مسيرة التطور الدبلوماسي والقنصلي منذ نشأته، ومن خلال عمله فيه جاءت ثمرته هذا المؤلف الذي صب فيه عصارة فكره، وبذل فيه جهداً كبيراً ومضنياً حتى ظهر في صورته الجميلة وإخراجه الرائع. وفي اعتقادي فإن المؤلف لا يعد وثائقياً فحسب، ولكنه مرجع يسد نقصاً في المكتبة الدبلوماسية القطرية التي تعاني قصوراً في هذا الجانب من جوانب المعرفة عن قطر، كما أنه خير زاد ومعين لمن يرغب في الكتابة والتأليف والبحث في هذا المجال، فهو لا يزال في أمس الحاجة للبحث فيه والتحليل والتأريخ لإثراء هذا الجانب ومعالجة أوجه القصور فيه. وقد استرعى انتباهي ما حرص عليه مؤلفه الأخ أحمد من تحري الدقة والموضوعية التامة في ترتيب الشخصيات التي أسهمت بدور في مجال الدبلوماسية القطرية وكذلك التواريخ، وهي ليست بالمهمة السهلة، لكن إصرار الباحث على المضي في تقديم هذا المؤلف كثمرة من ثمار عمله جعلته يرتقي به إلى هذا المستوى، ناهيك عن التنظيم والتبويب البديع، وأزعم على حسب علمي أن أحداً لم يتناوله بالتوثيق وتجميع هذه المعلومات من قبل، ومنذ نشأة التمثيل الدبلوماسي باستثناء ما كتب في مؤلفات اتخذت طابعاً آخر حيث راعى فيه المؤلف التطور التاريخي لهذه النشأة منذ بدايتها بكل أمانة ودقة في النقل والترتيب، كما أشرت بحيث يجد القارئ الطريق سهلاً لمعرفة ما حققته قطر من إنجاز في هذا الميدان وينبئ في الوقت ذاته عن ذلك الجهد المضني الذي بذله المؤلف أثناء إعداد هذا الكتاب، وهو أمر ليس بالسهل خصوصاً في بلداننا الناشئة التي تفتقر مكتباتها إلى المراجع والمصادر، والتي كثيراً ما عزف الباحثون عن الخوض في التأليف في هذا الميدان بسبب هذه العقبة ولا ريب أن هذا المؤلف سيظل له قيمة علمية لا يستغنى عنها فهو يخدم كل العاملين في السلك الدبلوماسي ويوفر لهم المعلومات اللازمة، سواء أولئك الذين قضوا فترة عملهم في وزارة الخارجية وانتهت مهماتهم، أو العاملين حالياً، أو مع من سجيئ مستقبلاً وينضم إلى العمل في هذا السلك من جيل المستقبل، إنني أهنئ أخي الأستاذ أحمد بن جاسم الملا أن وفقه الله وكلل جهده بالتوفيق بعد رحلة شاقة من العناء في جمع المعلومات والترتيب والتنظيم وإعداد الجداول وهو جهد يستحق الشكر عليه، فضلاً عن أنه خدمة لإخوانه وأبناء وطنه بعد هذه الرحلة الطويلة من العمل الدبلوماسي والتي عاصر فيها العديد من وزراء الخارجية ووزراء الدولة للشؤون الخارجية، ووكلاء الوزارة، ومديري الإدارات والأقسام مما ولد عنده خبرة تراكمية، على أن التمثيل الدبلوماسي من جهة أخرى وفي عمله الواقعي يعطي تجربة حية تصلح منبعاً متجدداً يرتاده رواد الحقيقة والبحث العلمي ويصبح بذلك جديرا بالفحص والتسجيل عند كل مرحلة من مراحل تطوره حتى تتحقق الإفادة القصوى منه، وإني لأرجو أن يكون هذا المؤلف فاتحة مرحلة الإنتاج العلمي ونقطة البداية على طريق الدراسات العلمية الجادة عن العمل الدبلوماسي في دولتنا الفتية، فمجال المعرفة السياسية والدبلوماسية لايزال يقدم فرصاً سانحة للدارسين. ولا يسعني في مجال تقديم مؤلف الأخ أحمد بن جاسم الملا كسياسي ودبلوماسي إلا أن أذكر أنه بذلك يجدد في عالمنا العربي ما سبق أن قام به وما يقوم به دبلوماسيو العرب من دراسات "أضافت إضافات حقيقية في مجالات التنظيم الدبلوماسي، فالدبلوماسي المستنير بفضل عمله سواء في بلاده أو في خارجها إنما يمارس في ذاته وتفكيره وتقييمه للأمور العامة عملية تجلو البصر والبصيرة، وتزكي الإدراك والفهم وتعمق التقدير الحقيقي لتجربة بلاده في هذا المجال، وفي الختام فقد حاول الأخ أحمد بن جاسم الملا من خلال هذا المؤلف أن يدرس التجربة الدبلوماسية وعملها في قطر منذ نشأتها في ستة وأربعين عاماً، راجياً الله تعالى أن يوفقه لمتابعة دراسة نموها في فترات مماثلة متعاقبة، وأن يكون مؤلفه هذا تسجيلاً لمرحلة من مراحل الحكم الرشيد وتحقيق التقدم والخير في بلادنا في ظل الرعاية الكريمة لسمو أميرنا المفدى، وحسبه أنه أخلص العمل وبذل الجهد وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.