12 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر .. يثق بها الجميع

06 ديسمبر 2015

نجاح الوساطة القطرية بإطلاق سراح 16 جنديا لبنانيا مقابل الإفراج عن عدد من المعتقلين الإسلاميين في لبنان في إطار صفقة بين الدولة اللبنانية وجبهة النصرة، يعد استمرارا لمسلسل نجاحات الدبلوماسية القطرية التي استطاعت أن تكسب ثقة الجميع في العالم، مما حولها إلى وسيط مقبول ذي مصداقية. لم يكن للدبلوماسية القطرية أن تحقق هذا الاختراق الكبير لولا التخطيط الجيد، وتعبئة كل الموارد، وبناء شبكة من العلاقات العربية والإقليمية والدولية، وفتح خطوط في كل الاتجاهات في إطار ثنائي وجماعي، وإدراك لخصوصية كل دولة وتنظيم في المنطقة، وحرص دولة قطر على تجنيب العالم العربي المزيد من الأزمات والحروب وسفك الدماء.إن الأسباب التي جعلت قطر "قوة ناعمة" كبيرة في المنطقة تعود إلى القوة الأخلاقية للدبلوماسية القطرية التي تتحرك بمعزل عن الأجندات الخفية والأطماع، وعدم تغليب فئة على فئة في المفاوضات، وتبني النزاهة والحيادية التي اقتنع بها الجميع. ولا شك أن الحراك السياسي القطري يؤثر في الحالة العربية للدفع باتجاه حل المشاكل بطرق سلمية تفاوضية، وهي حالة كسبت الكثير من المؤيدين من الدول والأحزاب والمنظمات والقبائل، عربيا وإقليميا ودوليا.ومن هنا فإن الوساطة التي أفضت إلى إطلاق سراح الجنود اللبنانيين ومعتقلين طالبت بهم جبهة النصرة، تأتي في سياق طبيعي للحركة السياسية القطرية الرشيقة والحيوية منذ منتصف تسعينيات العقد الماضي، فقبل اتفاق لبنان – النصرة بأسبوع تمكنت قطر من لعب دور وساطة ناجح بين قبائل "التبو" و"الطوارق" الليبيتين، وتم في الدوحة توقيع اتفاق سلام بين القبيلتين في يوم 23 نوفمبر الماضي.وفي الأول من يونيو الماضي لعبت قطر دورا محوريا في المفاوضات بين حركة طالبان الأفغانية والحكومة الأمريكية، تكللت بإقناع الطرفين بالموافقة على صفقة لإطلاق سراح خمسة من قادة الحركة معتقلين في سجن جوانتنامو، مقابل الإفراج عن جندي أمريكي معتقل لدى "طالبان" منذ خمس سنوات.وفي 14 يونيو الماضي أعلنت قطر نجاح وساطتها في إطلاق سراح 4 جنود من جمهورية طاجيكستان، اعتقلتهم حركة طالبان الأفغانية في شهر ديسمبر الماضي على الحدود الشمالية لأفغانستان.وفي الرابع من مايو الماضي استضافت الدوحة على مدى يومين حواراً بين مختلف الأطراف الأفغانية، ولعبت الدبلوماسية القطرية دورا بارزا في التوسط بين جميع الفرقاء، من إحلال السلام في أفغانستان التي تمزقها الحرب.وفي 12 سبتمبر 2014 نجحت الدبلوماسية القطرية بالإفراج عن 45 جنديا من الجنود الفيجيين العاملين بقوات حفظ السلام في الجولان السوري المحتل، كانت جبهة النصرة قد احتجزتهم في ريف القنيطرة بالجانب المحرر من الجولان. وفي 12 أبريل من نفس العام نجحت الوساطة القطرية بإطلاق سراح الصحفي الأمريكي بيتر ثيو كيرتس وتسليمه للأمم المتحدةوفي 19 أكتوبر 2013 تمكنت وساطة قطرية بين مجموعة "ثوار سوريا – ريف حلب" والسلطات اللبنانية من إطلاق سراح 9 لبنانيين خطفوا في مدينة إعزاز السورية قرب الحدود التركية بعد 16 شهرا من الاختطاف.وفي فبراير 2013 وقعت الحكومة السودانية وجماعة متمردة في دارفور، يطلق عليها اسم حركة العدل والمساواة، اتفاقا بوساطة قطرية، شمل الاتفاق وقف إطلاق النار، لإعادة إحياء عملية السلام المجمدة هناك، هذا الاتفاق جاء في أعقاب تصاعد القتال في إقليم دارفور، وجاء الاتفاق الجديد بعد خرق اتفاق كان قد تم توقيعه بوساطة قطرية في عام 2011م.وفي 6 فبراير 2012 جرى توقيع اتفاق بين حركتي حماس وفتح الفلسطينيتين، في العاصمة القطرية الدوحة، وقعه محمود عباس أبو مازن نيابةً عن حركة فتح، وخالد مشعل نيابةً عن حماس، بهدف تسريع وتيرة المصالحة الوطنية بين الفصيلين الأكبر في فلسطين.وفي مارس من عام 2011 وبعد سلسلة من الجولات الدبلوماسية التي وصفت بالمكوكية والتي استغرقت عدة أشهر بقيادة الدوحة تم إبرام اتفاقية سلام بين حكومتي جيبوتي وإريتريا، لتسوية النزاع الحدودي القائم بينهما.قائمة الوساطات القطرية طويلة ومتعددة وما ذكرته آنفا ليس إلا جزءا من كل، وهي جهود أقنعت العالم والأمم المتحدة أن قطر وسيط نزيه ومقبول وأخلاقي، ولم يكن لهذا أن يحدث لولا الرغبة الصادقة والنية الصافية والضمير الحي والمهنية السياسية وحرفية الدبلوماسية القطرية، وهو دور سيكون مطلوبا دائما وأبدا.